
في خطوة علمية رائدة تهدف إلى تنويع مصادر الثروة البحرية وضمان استدامتها، أطلق المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري مشروعًا تجريبيًا مبتكرًا لتربية أسماك “الدوراد” (Sparus aurata) في عرض سواحل سيدي إفني، باستخدام الأقفاص العائمة كوسيلة للاستزراع البحري ضمن بيئتها الطبيعية.
يمثل المشروع، الذي بدأ بتشغيل وحدتين من أصل أربع وحدات مبرمجة، أولى المبادرات التطبيقية في مجال “البيسوكولتور” (تربية الأسماك في الأقفاص البحرية) بالمنطقة، حيث تم تزويد الأقفاص بنحو 250 ألف من صغار سمك الدوراد، تم استقدامها من فرنسا ضمن عملية نقل دقيقة تراعي شروط السلامة البيولوجية وجودة الكائنات المستزرعة.
شهدت السواحل عملية إنزال الصغار داخل الأقفاص عبر سفينة البحث العلمي “أمان”، تحت إشراف فريق متكامل من الباحثين، الأطباء البيطريين، والمراقبين البيئيين لضمان احترام أعلى المعايير الدولية للاستزراع البحري.
يهدف هذا المشروع إلى توفير معطيات دقيقة حول مردودية تربية أسماك الدوراد في البيئة المحلية، بما يشمل معدلات النمو، نسب البقاء، ومدى تأقلم الأسماك مع الظروف البيئية المتمثلة في درجة الحرارة، الملوحة، جودة المياه، والتيارات البحرية بسواحل سيدي إفني.
يندرج المشروع ضمن رؤية استراتيجية للمغرب لتوسيع نطاق الاستزراع البحري، وتعزيز دور السواحل المغربية كرافعة للاقتصاد الأزرق، وخلق فرص استثمارية وتشغيلية جديدة في قطاع حيوي ومتنامٍ.
تأتي هذه المبادرة في وقت يزداد فيه الوعي العالمي بضرورة الحفاظ على الموارد البحرية وتقليل الضغط على المصايد الطبيعية، ما يجعل من تربية الأحياء المائية خيارًا استراتيجياً لضمان الأمن الغذائي وتنمية الاقتصاد المحلي للمناطق الساحلية.
بثبات، يواصل المغرب ترسيخ مكانته كمركز إقليمي للاستزراع البحري المستدام، من خلال دعم المشاريع الريادية، وتحفيز المستثمرين عبر تسهيلات موجهة لهذا القطاع الواعد، مساهمًا بذلك في تحقيق التنمية البيئية والاقتصادية.