ولي العهد الأمير مولاي الحسن وقيادة المستقبل نمودج رؤية ملكية لتأهيل جيل الغد

.
يشكل مسار التكوين الأكاديمي والمهني لصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن محطة محورية في الرؤية الملكية لمغرب المستقبل. فإختيار جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بمدينة بنجرير، كبداية لانطلاقة التكوين العلمي العالي،أمر يعكس إرادة ملكية في ربط الأمير الشاب بصلب المشروع الوطني للتنمية والقائم على الذكاء الترابي، والإبتكار العلمي والربط بين السيادة الوطنية والعولمة المنتقاة.
فالانتقال المرتقب لولي العهد إلى برنامج تكويني رفيع بالولايات المتحدة ،جاء ليعكس بعدا إستراتيجيا متكاملا، يقوم على تعزيز الكفاءة القيادية وفهم الإقتصاد والسياسة الدولية وتطوير مهارات طويلة الأمد من خلال مزيج من التعليم الأكاديمي والتجربة الميدانية. فالإنفتاح على تكوين أمريكي متقدم لا يعني القطيعة مع المرجعية المغربية، بل توظيف المكتسبات الدولية لتمكين المؤسسة الملكية من أدوات القيادة في عالم سريع التغير، ذلك أن الإصلاح في المغرب لم يكن يوما استيراد لنماذج خارجية، بل تكييف خلاق بين الخصوصية الوطنية وروح العصر.
إن الرؤية الملكية المتبصرة ، تعمل على نقل أدوات التأثير والتغيير، ومن هذا المنطلق، فالبرنامج يركز على مجالات حيوية مثل آليات الذكاء وبناء الشبكات القيادية، والقيادة المجتمعية والتفكير الإبتكاري، وهي عناصر ضرورية لفهم التحولات الدولية والتفاعل معها من موقع الريادة لا التلقي.
كما يعكس هذا التكوين الرفيع منطقا جديدا في تدبير الزمن الملكي المغربي، حيث يتم الإنتقال الجيلي في إطار مؤسساتي هادئ ومدروس، يؤهل الأجيال الجديدة للقيادة دون المساس بإستمرارية الدولة، وهي رسالة ضمنية موجهة للنخب الشابة بأن القيادة في المغرب مستقبلها قائم على الكفاءة والعمل الميداني، وليس على الصفات الوراثية فحسب.
ولي العهد و في إطار التكوين على القيادة لا يفصل عن محيطه، بل يدمج في شبكة علاقات قيادية عالمية من موقع الفاعل المستقبلي في الأمن القومي والاقتصاد والتكنولوجيا، في انسجام تام مع الهوية المغربية العريقة، لتمثيل نموذج مغربي متجدد، يربط بين الجذور والآفاق، بين التاريخ والرؤية، وبين الإخلاص للثوابت والإنفتاح على المستقبل.
كما سيعزز هذا المسار مكانة الملكية كمؤسسة ضامنة للإستقرار والتحديث المتوازن. فضلا على أن هذا التكوين سيكون له أثر بالغ على المستويين الإقليمي والدولي، في تأكيد ريادة المغرب كنموذج في الإنتقال السلس بين الأجيال، سيمنح المملكة واجهة شبابية وقيادية جديدة تعزز من إنخراطها في قضايا العصر الكبرى، بقيمها وذكائها ومشروعها.
ختاما إن ما نعيشه اليوم ليس مجرد مرحلة تعليمية، بل لحظة تأسيس لزمن مغربي جديد، تتأهل فيه القيادة الشابة بروح العصر وثقل التاريخ، إستعدادا لحمل الأمانة العظمى ، ومواصلة مسيرة البناء تحت سقف الإستمرارية والتجديد.
ذ/الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.