جهويات

أكادير: النيابة العامة تنظّم دورة تكوينية لقضاة وضباط الشرطة لتعزيز تقنيات البحث مع الأطفال في تماس مع القانون

تدريب نوعي لتعزيز عدالة صديقة للأطفال بمشاركة قيادات أمنية وقضائية بارزة

في إطار الجهود الرامية إلى تطوير آليات العدالة الجنائية الخاصة بالأطفال، نظّمت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بأكادير، يوم الخميس 26 يونيو 2025، دورة تكوينية متخصصة لفائدة قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية، بشراكة مع ولاية أمن أكادير والقيادة الجهوية للدرك الملكي بأكادير.

وشهدت الدورة، التي احتضنتها قاعة الاجتماعات بمقر النيابة العامة، مشاركة 70 مسؤولًا أمنياً وقضائياً حضوريًا، بالإضافة إلى 506 ضابطًا للشرطة القضائية (من الأمن الوطني والدرك الملكي) و44 قاضيًا من قضاة النيابة العامة بالمحاكم الابتدائية، عبر تقنية التناظر المرئي Google Meet، في إطار توسيع دائرة الاستفادة وتعزيز التكوين الميداني.

شخصيات بارزة في الدورة

أعطى الانطلاقة الرسمية للدورة الأستاذ عبد الرزاق فتاح، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير، الذي ألقى كلمة مؤثرة حول ضرورة إعمال “المصلحة الفضلى للطفل” كأولوية قصوى في قضايا الأطفال في تماس مع القانون، مع التركيز على البعد التربوي والحمائي بدل المقاربة العقابية التقليدية.

ومن جانبه، أكد مصطفى امرابظن، والي أمن أكادير، على أهمية التنسيق الفعّال بين الأجهزة الأمنية والنيابة العامة لضمان احترام حقوق الأطفال أثناء مراحل البحث والتحقيق، مع الحرص على احترام الخصوصيات النفسية لهذه الفئة الهشة.

بدوره، نوه الكولونيل ماجور عبد العالي دحماني، القائد الجهوي للدرك الملكي بأكادير، بأهمية تكوين ضباط الشرطة القضائية في التقنيات الحديثة للتعامل مع الأطفال، خصوصًا أثناء الاستماع إليهم، مع احترام كافة الضمانات القانونية والإنسانية.

كما حضر الدورة عبد الصادق أيت عابد، تأكيدًا على دعم ولاية الأمن لهذا النوع من المبادرات الهادفة لتكريس عدالة متطورة تراعي البعد النفسي والاجتماعي للأطفال.

أهداف الدورة التكوينية

ركزت الدورة على مجموعة من الأهداف الجوهرية، من بينها:

  • تطوير تقنيات البحث مع الأطفال بما يتناسب مع عمرهم وحالتهم النفسية.
  • تعزيز حماية الأطفال أثناء فترات التحقيق، وتجنب الضغوط النفسية والإجراءات القسرية.
  • تحسيس ضباط الشرطة القضائية وقضاة النيابة العامة بأهمية اعتماد ممارسات ملائمة تحترم مصلحة الطفل الفضلى.
  • تعميم اللجوء إلى التدابير البديلة لتفادي العقوبات السالبة للحرية، وتفعيل مقاربات إصلاحية ذات بعد تربوي.

خلفية سياقية ومؤشرات إيجابية

وتأتي هذه الدورة في سياق البرامج المستمرة التي أطلقتها النيابة العامة منذ سنة 2022، والتي أسفرت عن نتائج ملموسة، أبرزها خفض نسبة احتجاز الأطفال دون سنّ 18 عامًا بحوالي 33٪ خلال الأربع سنوات الماضية، مما يعكس نجاعة السياسات الجنائية الجديدة في مجال عدالة الأحداث.

غير أن المشاركين أجمعوا على أن التحديات ما تزال قائمة، خصوصًا على مستوى ضعف التخصص التقني في التعامل مع قضايا الطفولة، ونقص الموارد البشرية، وقلة مراكز التأهيل والإيواء الملائمة للأطفال في تماس مع القانون.

توصيات ختامية

خرجت الدورة بمجموعة من التوصيات الهامة:

  • ضرورة تعميم آليات الاستماع الملائمة للأطفال في كافة مراحل البحث والتحقيق.
  • تشجيع اعتماد التدخلات التربوية والإصلاحية كبدائل للعقوبات السالبة للحرية.
  • توفير موارد بشرية متخصصة في التعامل مع الأطفال.
  • تطوير التشريعات الوطنية لدعم العدالة الصديقة للأطفال.
  • تقوية التنسيق بين النيابة العامة، الأمن الوطني والدرك الملكي لضمان استجابة أكثر فعالية وإنسانية لقضايا الطفولة.

نحو عدالة أكثر إنصافاً للأطفال

عكست هذه الدورة التكوينية الإرادة الجادة لمؤسسات العدالة والأمن بالمغرب في تحسين طرق التعاطي مع قضايا الطفولة في تماس مع القانون، وتكريس مبادئ العدالة الجنائية الصديقة للأطفال بما ينسجم مع الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية.

في الختام، أكد المشاركون أن مثل هذه الدورات التكوينية تفتح آفاقاً جديدة لبناء عدالة قائمة على احترام كرامة الطفل وضمان حقوقه النفسية والاجتماعية، بعيدًا عن كل أشكال التمييز أو القسوة.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button