نساء ورجال الأمن الوطني حصن الوطن المنيع

.
في أمة تعلو فيها قيم الإستقرار والأمان، وترفع فيها رايات الطمأنينة والسلم ، تبرز مؤسسة الأمن الوطني كإحدى دعائم الدولة الحديثة، وركيزة من ركائزها الصلبة التي تذود عن النظام العام وتصون أمن الأفراد وممتلكاتهم .
لعل التوشيح الملكي الذي نال شرفه اليوم السبت 24 ماي 2025، 353 من نساء ورجال الأمن الوطني، هو أكثر من مجرد تكريم ، إنه رسالة ملكية سامية بليغة المعاني و عميقة الدلالات، رسالة تنضح بالتقدير لجهود جسيمة تبذل بحكمة وتترجم في الميدان تضحيات جسام لا يدرك عمقها إلا من خبر صعوبة المهمة الأمنية والشرطية ووطأة المسؤولية ونبل الرسالة.
لقد شكل حفل التوشيح،والذي ترأسه المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، السيد عبد اللطيف حموشي، لحظة عرفان رسمية وحضارية تجاه ثلة من الكفاءات الأمنية، التي آلت على نفسها أن تجعل من الشرف المهني عقيدة ومن الخدمة العمومية الأمنية رسالة عظيمة ، وما إختيار المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة مكانا لهذا التوشيح الجماعي لنساء ورجال الأمن الوطني ، إلا تجل لرغبة مولوية في ترسيخ ذاكرة جماعية عنوانها الوفاء لعناصر الأمن الوطني، الذين لم يتوانوا عن الدفاع عن إستقرار البلاد، وتأمين أرواح المواطنين، وصون ممتلكاتهم، وحماية مؤسسات الدولة ضد كل تهديد أو انزلاق .
إن هذا التوشيح الملكي هو رسالة إلى عموم أفراد الشعب المغربي، تؤكد أن الدولة في أعلى هرمها، تعترف بالجميل، وتثمن الوفاء والإخلاص ، وتكافئ من يضحي من أجل الوطن ،وهنا وجبت الرجوع إلى خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده ، بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد لسنة 2016 حين قال جلالته : “إننا نعتز بجهاز الأمن، لما يبذله من جهود مشكورة، وما يقدمه من تضحيات جسام، في سبيل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره، في التزام تام بسيادة القانون واحترام الحقوق والحريات .”
إن هذا التوشع الملكي اليوم ، هو دعوة صريحة للجيل الأمني الصاعد كي ينهل من مناهل النزاهة، والانضباط والتفاني، مقتديا بأسلافه الذين عبدوا الطريق بالعمل الجاد و التضحية.
وهو الأمر الذي شدد عليه السيد عبد اللطيف حموشي ، في كلمته التوجيهية ، من أن هذا التوشيح يكرس “النضج المهني” ويلقي على الموشحين مسؤولية تأطير الأجيال المقبلة، و يعبر عن رؤية إستراتيجية تجعل من الأمن مؤسسة تعليمية مستمرة، لا تختزل مهمتها في الزجر والردع، بل تتعداها إلى بناء جيل أمني مواطن، يمتلك أدوات الفهم والتحليل، ويزاوج بين الصرامة القانونية والبعد الإنساني.
ختاما ، في زمن تتعاظم فيه التهديدات، وتتشعب فيه الجرائم، وتتداخل فيه الحدود بين الأمني والسياسي، يبقى جهاز الأمن الوطني، بمكوناته المختلفة، صمام أمان الوطن، وحارس أمنه الروحي والمادي. فليس التوشيح خاتمة لمسار مهني، بل هو عقد جديد من الالتزام، ورسالة مستمرة، بأن الوطن لا ينسى أبناءه الأوفياء، وأن خدمة الوطن شرف عظيم لا يضاهيه شرف.
ذ/الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.
خبير في نزاع الصحراء المغربية.