مكتب الصرف يلاحق “ملايير النوار”.. منتخبون ومنعشون عقاريون تحت مجهر التحقيقات

فتحت مصالح المراقبة التابعة لمكتب الصرف تحقيقات موسعة حول شبهات تهريب مبالغ مالية ضخمة إلى الخارج من طرف منتخبين ومنعشين عقاريين، بعد التوصل بمعطيات دقيقة من موثقين ووكلاء عقاريين تفيد بوجود عمليات شراء عقارات وأراضٍ ذات قيمة عالية جرى تسويتها بشكل غير قانوني بالعملة الأجنبية خارج المغرب.
عمليات شراء مشبوهة في برشيد والنواصر
التحقيقات شملت عمليات تمت ضواحي الدار البيضاء، خاصة بإقليمي برشيد والنواصر، حيث تم شراء أراضٍ من ورثة أجانب ومغاربة مقيمين بالخارج، وتسوية مستحقاتها بالأورو في الخارج دون المرور عبر القنوات البنكية المغربية، في خرق سافر لقوانين الصرف المغربية.
أحد أبرز الملفات التي تحقق فيها مصالح “دركي الصرف”، يهم شراء تجزئة عقارية بجماعة تابعة لإقليم برشيد من طرف مستشار جماعي يشغل في الوقت ذاته صفة منعش عقاري، حيث تم تحويل المبلغ بالكامل إلى وريثة مواطن فرنسي في الخارج. كما تم الكشف عن عملية مشابهة في إقليم النواصر، تورط فيها منعش معروف، أدى أزيد من 30 مليون درهم في إسبانيا بالعملة الأوروبية.
معلومات من منافسين وعلامات على غسل الأموال
التحقيقات الجارية تستند أيضاً إلى إخباريات سابقة وردت من شركات عقارية منافسة، تضمنت تفاصيل حول ممارسات مماثلة لمجموعة من المنعشين العقاريين، خاصة بفرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا. ووفق المصادر، فإن بعض الأسماء تخضع أيضاً لتحقيقات موازية بشبهة غسل الأموال، بالنظر إلى أنشطتهم المتعددة التي تشمل تحويل الأموال، صرف العملات، والنسيج والألبسة.
التسوية التلقائية تكشف الغائبين
ورغم انتهاء مهلة “التسوية التلقائية” لممتلكات وموجودات بالخارج نهاية 2024، لم تظهر أسماء هؤلاء المنتخبين والمنعشين ضمن المصرحين. وتفيد معطيات مكتب الصرف بأن قيمة الممتلكات المصرح بها ضمن العملية بلغت أكثر من 2 مليار درهم، موزعة بين:
- أصول مالية: 916.2 مليون درهم (45٪)
- عقارات: 868.3 مليون درهم (43٪)
- موجودات نقدية: 244.7 مليون درهم (12٪)
افتحاصات معمقة و”النوار” في قلب الإشكال
استعان مكتب الصرف بقنوات تبادل إلكتروني مع المديرية العامة للضرائب وغيرها من الإدارات الشريكة، لإخضاع شركات مرتبطة بالمعنيين لتدقيقات محاسبية دقيقة. وكشفت هذه الفحوصات وجود مؤشرات قوية على استعمال مبالغ “نوار” بالعملة الأجنبية في تكوين المخزون العقاري وتسوية الصفقات بالخارج، فضلاً عن التلاعب بالأسعار المرجعية والتصريحات الضريبية.
نحو تفعيل المساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة
هذه التحركات تندرج في إطار تشديد الرقابة المالية وتعزيز آليات محاربة تهريب الأموال وغسلها، وهي ملفات تحظى بأولوية وطنية متزايدة في ظل الجهود المبذولة لتقوية الحكامة المالية وربط المسؤولية بالمحاسبة، خاصة في القطاع العقاري الذي ظل لسنوات خارج دائرة التدقيق الكافي.