جهوياتمجتمع

ندوة علمية بأكادير تسلط الضوء على رهانات البناء المستدام بجهة سوس ماسة

في ظل التحديات البيئية المتزايدة وتنامي الوعي العالمي بضرورة التحول نحو أنماط عمرانية صديقة للبيئة، احتضنت مدينة أكادير، خلال الأسبوع الجاري، ندوة علمية تحت شعار: “البناء المستدام في جهة سوس ماسة: من التحديات البيئية إلى الحلول الترابية”، وذلك بقاعة المؤتمرات بمدينة المهن والكفاءات.

الندوة نظمتها جمعية تقنيي قطاع البناء والأشغال بتزنيت، في إطار مشروع “سفراء البناء المستدام”، وبدعم من برنامج “أمل” المنفذ من طرف منظمة الهجرة والتنمية، بشراكة مع الوكالة الفرنسية للتنمية.

تكوين وتأطير من أجل ممارسات مسؤولة

الحدث يندرج ضمن مشروع تكويني يروم رفع الوعي البيئي لدى فاعلي قطاع البناء، من تقنيين ومهندسين وطلبة، عبر تمكينهم من المعارف والأدوات الضرورية لاعتماد مقاربات مسؤولة ومستدامة في مشاريعهم. وقد أكد المنظمون أن المشروع يهدف إلى تكوين جيل جديد من “سفراء البناء المستدام” القادرين على إحداث تأثير إيجابي في مجتمعاتهم المهنية.

كما شكلت الندوة مناسبة لتجميع مختلف المتدخلين، من أكاديميين ومهنيين ومهتمين، لطرح ومناقشة الإشكالات البيئية الكبرى التي تواجه الجهة، وبحث سبل معالجتها من خلال حلول مستدامة ومتلائمة مع خصوصيات سوس ماسة ومؤهلاتها المحلية.

خبراء وأكاديميون يناقشون التحول البيئي في البناء

عرفت الندوة مشاركة وازنة لعدد من الأساتذة والخبراء، الذين قدموا مداخلات علمية تناولت مختلف جوانب البناء المستدام، من بينها:

  • الدكتور وحيد العصري، أستاذ بجامعة ابن زهر، الذي أبرز أن الانتقال إلى نماذج بناء مستدام لم يعد ترفاً بل ضرورة ملحة تفرضها التغيرات المناخية وتدهور المنظومات البيئية.
  • الدكتور سعيد باجي، مهندس وخبير في الهندسة المدنية والطاقية، شدد على أهمية استغلال المواد المحلية والتقنيات التقليدية لبناء منخفض التأثير البيئي ينسجم مع هوية الجهة.
  • الدكتور عبد الحكيم البوركي، أستاذ بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، ركز على ضرورة دمج مفاهيم الاستدامة ضمن التكوين الأكاديمي للمهندسين والتقنيين.
  • أما الدكتور عبد الرحيم بلعبيد، أستاذ بالمعهد المتخصص بتكنولوجيا تدارت، فقد تناول البعد الاقتصادي للبناء المستدام، مشيراً إلى دوره في خلق مشاريع تنافسية وتعزيز الاقتصاد المحلي.

نقاشات صريحة ومعيقات قائمة

شهدت الندوة تفاعلاً لافتاً من الحضور، الذي ضم مهنيين وطلبة وأطرًا تقنية، حيث عبّروا عن اهتمامهم الكبير بتطبيق مبادئ البناء المستدام في مشاريعهم. واعتبر المشاركون أن إدماج هذه المبادئ في المناهج الدراسية والتكوين المستمر خطوة جوهرية نحو تحقيق التحول المنشود.

كما لم تغب عن النقاشات الإشارة إلى عدد من الإكراهات التي تحد من تسريع الانتقال إلى نموذج عمراني أخضر، أبرزها ضعف التحفيزات المالية، وغياب التكوينات المتخصصة الكافية، إضافة إلى النقص في التأطير القانوني والتنظيمي لهذا النوع من البناء.

نحو مسار جديد للتنمية البيئية

وفي ختام الندوة، أعربت الجمعية المنظمة عن امتنانها لجميع المتدخلين والشركاء، مؤكدة عزمها الاستمرار في الترافع وتنزيل مشاريع بيئية مستدامة بالجهة. كما اعتبرت أن هذه الندوة، رغم كونها المحطة الأخيرة من النسخة الحالية لمشروع “سفراء البناء المستدام”، إلا أنها تشكل بداية مسار جديد يراهن على تعزيز المعرفة البيئية والممارسة الميدانية كمرتكزات أساسية لبناء مستدام يلبي تحديات الحاضر ويراعي خصوصيات سوس ماسة.

ويبقى البناء المستدام خيارًا استراتيجيًا لا يقبل التأجيل، بل ضرورة ملحة في مواجهة الأزمات البيئية المتسارعة، وهو ما يجعل جهة سوس ماسة في موقع متميز لتكون نموذجًا يحتذى به على المستوى الوطني في هذا المجال.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button