تفكيك شبكة سماسرة القضاء.. حملة تطهير غير مسبوقة تضرب في عمق المحاكم المغربية

في خطوة حازمة لمحاربة الفساد داخل المرفق القضائي، شنت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حملة أمنية منسقة استهدفت عدداً من الوسطاء المتورطين في وساطات غير مشروعة، جرى تنفيذها بتنسيق مع النيابة العامة وشملت عدة محاكم بمدن الصويرة، آسفي، الجديدة وسيدي بنور. وقد أسفرت هذه العملية عن توقيف 15 شخصاً يشتبه في انخراطهم ضمن شبكة متخصصة في التأثير على قرارات قضائية مقابل مبالغ مالية.
تفاصيل هذه العملية الأمنية، التي أثارت اهتماماً واسعاً في الأوساط القضائية والإعلامية، تشير إلى أن الموقوفين كانوا ينشطون في أروقة المحاكم عبر تقديم أنفسهم كوسطاء قادرين على التدخل لصالح أطراف معينة، مستغلين في ذلك أسماء ومواقع مسؤولين حقيقيين أو وهميين، من أجل تضليل المتقاضين واستدراجهم لدفع مبالغ كبيرة مقابل وعود بالتدخل في مسار ملفاتهم القضائية.
وقد استعانت مصالح الأمن بتقنيات التنصت الهاتفي بعد توفر قرائن قوية حول أنشطة مشبوهة للمتورطين، مما أتاح توثيق عدة محادثات تؤكد تورطهم في هذه الأفعال، ليتم توقيفهم وتقديمهم أمام النيابة العامة المختصة. ووفق مصادر مطلعة، فإن قاضي التحقيق أمر بتمديد فترة الحراسة النظرية لبعضهم لتعميق البحث وتحديد باقي المتورطين المفترضين، مع إمكانية توسيع دائرة الاعتقال لتشمل شركاء محتملين ساهموا في تسهيل هذه العمليات أو التستر عليها.
هذه الحملة، التي تعد الأولى من نوعها بهذا الحجم في ملف الوساطة القضائية، تعكس توجه الدولة الجاد في تخليق العدالة وتحصينها من كل تدخل غير مشروع. كما تأتي في سياق سياسة إصلاح العدالة التي تقودها رئاسة النيابة العامة، بدعم من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، لضمان استقلالية ونزاهة المؤسسات القضائية.
الرأي العام المغربي، الذي لطالما اشتكى من استفحال ظاهرة السمسرة داخل المحاكم، تفاعل بإيجابية مع الحملة، واعتبرها مؤشراً واضحاً على أن الدولة بدأت تتحرك فعلاً نحو اجتثاث الفساد من داخل الجهاز القضائي. وتبقى الرسالة الأهم من هذه العمليات أن لا أحد فوق القانون، وأن من تسول له نفسه المساس بمصداقية القضاء سيكون تحت طائلة المساءلة.