الصين تقترب من دعم مغربية الصحراء.. نقاشات داخل الحزب الشيوعي الحاكم تفتح آفاقاً جديدة في العلاقات الثنائية

كشفت مصادر مطلعة أن نقاشاً داخلياً يجري حالياً داخل دوائر الحزب الشيوعي الصيني، الحزب الحاكم والأكثر تأثيراً في القرار السياسي لبكين، يهمّ مستقبل موقف الصين من قضية الصحراء المغربية، وسط مؤشرات على وجود توجه نحو تبنٍّ رسمي وواضح لمغربية الصحراء.
ووفق ما نقلته مصادر لموقع Rue20، فإن أعضاء بارزين داخل الحزب الشيوعي الصيني، والذين يشغل بعضهم مناصب قيادية داخل الحكومة، أثاروا هذا الملف في إطار سلسلة من المشاورات الداخلية، مدفوعين بمطالب مغربية متكررة لدفع بكين إلى الخروج من “الحياد الرمادي” تجاه هذا النزاع الإقليمي، والانتقال إلى موقف داعم لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمه الرباط كحل وحيد وواقعي للنزاع المفتعل.
التحرك الصيني الجديد يأتي بعد دينامية دبلوماسية مكثفة قادها المغرب في علاقته بالصين، شملت زيارات متبادلة بين وفود حزبية وبرلمانية رفيعة المستوى من الجانبين، وتوجت مؤخراً بزيارة وُصفت بالتاريخية للرئيس الصيني شي جينبينغ إلى الرباط، حيث استُقبل من طرف ولي العهد الأمير مولاي الحسن، في خطوة ذات رمزية سياسية قوية تؤكد خصوصية العلاقة بين البلدين.
وتشير قراءات المحللين إلى أن بكين، التي تتصدر قائمة المستثمرين في القارة الإفريقية، ترى في المغرب شريكاً استراتيجياً متعدد الأبعاد، ليس فقط بحكم موقعه الجغرافي كبوابة لإفريقيا وأوروبا، بل كذلك بفضل استقراره السياسي ورؤيته التنموية الواضحة، وخاصة المبادرات الكبرى التي أطلقها الملك محمد السادس، من بينها مبادرة الولوج إلى المحيط الأطلسي، ومخططات تنمية الأقاليم الجنوبية.
ويرجّح أن تشكل الصحراء المغربية محطة محورية في تعزيز التعاون الصيني المغربي، خصوصاً أن عدة شركات غربية أبدت اهتماماً واضحاً بالسوق المغربية وبدأت فعلياً مشاريع استثمارية في الأقاليم الجنوبية، وهو ما قد يدفع الصين إلى توسيع حضورها هناك، حفاظاً على تنافسيتها الاقتصادية ونفوذها الجيوسياسي في المنطقة.
وبينما لا تزال بكين تلتزم رسمياً بموقف “محايد” يدعو إلى الحل السلمي في إطار الأمم المتحدة، فإن التحولات الجيوسياسية العالمية، إلى جانب علاقاتها الوثيقة بالرباط، قد تدفعها إلى تغيير لهجتها وتبني موقف أكثر وضوحاً ينسجم مع التوجه الدولي المتزايد نحو دعم مقترح الحكم الذاتي كحل جاد وواقعي، خاصة في ظل المواقف الأخيرة لدول أوروبية وآسيوية وأمريكية بارزة.
وإذا ما تُوّج هذا النقاش الداخلي داخل الحزب الشيوعي الصيني بإعلان رسمي من بكين، فسيُشكل ذلك تحوّلاً استراتيجياً في توازنات الملف، بالنظر إلى الوزن السياسي والاقتصادي للصين، وقدرتها على التأثير في مواقف دول أخرى، خاصة داخل آسيا وإفريقيا.
وفي ظل هذا المشهد المتسارع، يبدو أن المغرب ينجح في توسيع دائرة الدول الداعمة لوحدته الترابية، مستفيداً من دينامية دبلوماسية استباقية وواقعية تقودها الرباط بهدوء وثقة، ضمن رؤية تستند إلى الشراكة والاحترام المتبادل، وترتكز على ربط التنمية بالاعتراف.