أكادير – الهروب الكبير.. اختفاء مركب سردين وحراس وبحّار في ظروف غامضة.. والسيناريوهات تحت مجهر التحقيق

في تطور مثير ومقلق، شهد ميناء أكادير ليلة الأحد حادثة اختفاء غامضة لمركب صيد سردين، في سيناريو يوصف بكونه محكم الإعداد، ويثير فرضيات متضاربة بين التهريب والهجرة السرية. الحدث الذي وقع بعيدًا عن الأعين، أدخل الأوساط البحرية في حالة ترقّب وذهول، خاصة بعد غياب أربعة أفراد يُرجّح أنهم كانوا على متنه.
المعطيات الأولية تشير إلى أن آخر إشارة من جهاز التتبع البحري سُجلت مساء الأحد حوالي السابعة، قبل أن يدخل المركب في “صمت راداري” غير مبرر. ما يزيد من الغموض أن العنصر الوحيد الذي كان متواجدًا على متنه عمد إلى تسريح طاقم الحراسة في وقت مثير للريبة، وتولّى لاحقًا نقل المركب إلى رصيف خارجي بعيد عن الأنظار، تمهيدًا لمغادرة سرية تمت فجر الاثنين.
المركب لم يكن مزوّدًا سوى بكمية محدودة من الوقود، ما يجعل فرضية التوجه نحو سواحل أخرى غير واقعية من الناحية التقنية، خصوصًا في ظل غياب أي تقارير رسمية عن رصده من طرف الجهات البحرية المجاورة.
في المقابل، يطرح سيناريو التهريب المنظم نفسه بقوة، حيث يتحدث مهنيون عن إمكانية أن يكون المركب استُخدم كنقطة وصل نحو عرض البحر، حيث تنتظر قوارب سريعة لتسلّم شحنات مشبوهة. ويُشتبه في أن العنصر المنفذ لم يكن يتحرك بمفرده، بل ضمن شبكة منظمة اعتمدت أسلوبًا دقيقًا لتفادي أجهزة المراقبة.
ما يزيد من تعقيد القضية، هو اختفاء ثلاثة أفراد آخرين: اثنان من طاقم الحراسة، إضافة إلى بحار كان معروفًا بملازمته الدائمة للمركب. هذه العناصر، بحسب مصادر متطابقة، يرجّح أنها شكّلت الطاقم الفعلي الذي رافق العملية، ما يدعم فرضية المغادرة الجماعية وفق خطة سرية.
وبين من يرى في العملية مغامرة فردية بدافع الهجرة، ومن يربطها بتهريب عابر للحدود، تبقى التحقيقات الرسمية هي الفيصل في حسم حقيقة ما جرى. في غضون ذلك، لم تستبعد مصادر ميدانية أن تكون هناك عناصر تقنية أو معدات تُرمى لاحقًا في البحر لإخفاء الآثار، أو أن المركب نفسه تم التخلص منه لإرباك أي تعقّب محتمل.
الواقعة، بصرف النظر عن دوافعها، تشكل جرس إنذار خطير حول هشاشة بعض جوانب المراقبة داخل الموانئ، وتعيد طرح أسئلة جوهرية حول الثغرات التي يمكن أن تُستغل لتنفيذ عمليات مماثلة، في ظل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع بالبعض إلى المجهول.
ومع توالي الساعات، تتواصل التحقيقات في صمت، وسط ترقّب كبير لما قد يكشفه البحر أو تقارير الفرق المختصة، في قضية باتت تُصنف ضمن أغرب وأخطر حوادث الاختفاء التي عرفها الميناء في تاريخه الحديث.