بنعليلو: صحافة البيانات رهان استراتيجي لمحاربة الفساد وتفكيك شبكات المصالح

الرباط – أصداء الجهة
في كلمة محورية تبرز التحول في الرؤية نحو دور الإعلام في ترسيخ الشفافية ومحاربة الفساد، شدد محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، على أن صحافة البيانات لم تعد ترفًا تقنيًا بل أصبحت ضرورة مجتمعية لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن.
جاء ذلك خلال افتتاح دورة تدريبية، صباح اليوم الإثنين 23 يونيو 2025 بضاية الرومي، حول “صحافة البيانات ودورها في مكافحة الفساد”، والتي تنظمها الهيئة بشراكة مع شبكة “أريج” (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية)، بمشاركة نحو 20 صحافية وصحافيا من مختلف المنابر الإعلامية الوطنية.
ميثاق الشفافية لا يُكتب فقط في تقارير الدولة
في مستهل كلمته، أكد بنعليلو أن الشفافية ليست مجرد شعار أو تقرير رسمي، بل يجب أن تُترجم على صفحات الصحف الجادة، وفي مضمون الإعلام المهني المسؤول، الذي يسهم في ترسيخ الحق في المعرفة ومحاربة التعتيم.
وأضاف: “نراهن على الصحافيين ليكونوا جزءاً من دينامية وطنية لا تهادن الفساد، ولا تتواطأ مع الصمت، بل تسعى إلى كشف الحقائق وتعميق النقاش العمومي”.
صحافة البيانات: من المعطى الجاف إلى القصة المؤثرة
وخلال كلمته، أبرز رئيس الهيئة أن صحافة البيانات تمثل تحولاً نوعياً في الممارسة الإعلامية، من خلال اعتمادها على التحليل الإحصائي، والتقاطع بين المعطيات، والاستقصاء الوثائقي، بالاعتماد على قواعد بيانات مفتوحة، وتحويلها إلى قصص مدعومة بالأدلة.
واعتبر أن هذا النمط من الصحافة يمكنه تحويل الأرقام الصماء إلى محتوى يمكّن المواطن من الفهم، ويساهم في تفعيل الرقابة المجتمعية بشكل واعٍ وفعال.
مكافحة الفساد: مسؤولية مجتمعية لا تنحصر في المؤسسات
وأكد بنعليلو أن مكافحة الفساد ليست مسؤولية حكومية أو مؤسساتية فقط، بل معركة جماعية تشاركية تتطلب إعلامًا مهنياً مسؤولاً يمتلك القدرة على التأثير في الرأي العام وبناء وعي نقدي جماعي.
وأضاف أن الهيئة تحتاج إلى “وسطاء محترفين” من الصحافيين لنقل المؤشرات والأرقام التي تنتجها إلى الجمهور بلغة دقيقة وواضحة، بعيداً عن الإثارة أو التبسيط المخل.
الهيئة تلتزم بدعم التكوين والتأطير
وأشار بنعليلو إلى أن الهيئة الوطنية للنزاهة ملتزمة بـمواكبة كل المبادرات التكوينية الرامية إلى تمكين الصحافة الوطنية من أدوات تحليل البيانات وتتبع المال العام، مشدداً على أن “صحافة البيانات” هي إحدى أقوى الآليات لفضح الفساد، وتفكيك شبكات المصالح، وتحويل الصحافي من ناقل للخبر إلى فاعل في صناعة الوعي وتحقيق الشفافية.
وختم قائلاً: “صحافة البيانات هي رافعة مجتمعية للحق في العيش في بيئة نزيهة، ولنا كامل الثقة في الصحافيين بأن يكونوا في طليعة هذه المعركة الوطنية ضد الفساد والعبث بالمال العام.”