مياه البحر المحلاة.. رهان فلاحي اشتوكة لإنقاذ الزراعة في ظل الجفاف المستمر

في ظل جفاف بنيوي مستمر في جنوب المغرب منذ عام 2018، يشكل استخدام مياه البحر المحلاة في ري المحاصيل الزراعية بجهة سوس ماسة حلاً استراتيجياً حيوياً لفلاحي منطقة اشتوكة، رغم التحديات الكبيرة المرتبطة بالتكلفة والآثار البيئية.
تمتد مزرعة تقع في سهل اشتوكة على مساحة 800 هكتار، وتعتمد بالكامل على مياه محطة تحلية مياه البحر لري محاصيلها، خاصة الطماطم الكرزية، التي تعد من أهم المنتجات الزراعية في المغرب. هذه المحطة توفر يومياً نحو 125 ألف متر مكعب من المياه المحلاة لري 12 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى توفير مياه الشرب لنحو مليون و600 ألف نسمة في أكادير وضواحيها.
تشير عبير المسفر، نائبة مدير شركة “أزورا” التي تدير المحطة، إلى أن استمرار النشاط الزراعي في ظل سنوات الجفاف الطويلة لم يكن ممكناً بدون هذا المصدر الجديد للمياه. كما يتوقع أن تصل طاقة المحطة الإنتاجية إلى 400 ألف متر مكعب يومياً بحلول نهاية 2026، ما يعزز دورها في دعم الزراعة وتلبية احتياجات السكان.
مع ذلك، لا يخلو الأمر من تحديات، فتكلفة المياه المحلاة مرتفعة للغاية، إذ يبلغ سعر اللتر الواحد خمسة دراهم مقابل درهم واحد للمياه الطبيعية، ما يجعلها خياراً صعباً على صغار الفلاحين. يقول أحد المزارعين في المنطقة إنه لا يستطيع الاعتماد على هذه المياه بسبب ارتفاع تكلفتها، بينما يؤكد المهندس الزراعي علي حاتمي أن مياه التحلية تناسب فقط المحاصيل ذات القيمة المضافة العالية.
من ناحية بيئية، تتطلب تحلية المياه استهلاكاً كبيراً للطاقة الكهربائية، كما تنتج محاليل مالحة قد تؤثر على البيئة البحرية، رغم استخدام مواد لتخفيف هذه الأضرار بحسب المسؤولين في وزارة الزراعة.
تبقى محطة تحلية مياه البحر في اشتوكة ركيزة أساسية للحفاظ على الزراعة بالمنطقة، التي تمثل 85% من صادرات المغرب من الخضروات والفواكه، وتدرّ عوائد اقتصادية كبيرة تفوق 940 مليون يورو سنوياً. وبفضل هذا المشروع، تمكن المزارعون من تفادي خسائر فادحة تقدر بمئات الملايين من اليورو، وحماية أكثر من مليون وظيفة مرتبطة بالقطاع الزراعي.
وفي ظل ندرة المياه الجوفية وتدهورها، توسع المزارع محمد بومارغ في أراضيه الزراعية بفضل مياه التحلية، مؤكداً أن هذه التقنية “أنقذت الزراعة في اشتوكة”، رغم التحديات الاقتصادية والبيئية التي لا تزال قائمة.