فك الشيفرة الجينية الكاملة لشجرة الأركان: إنجاز علمي يفتح آفاقًا جديدة للمغرب

في خطوة غير مسبوقة على الصعيدين الوطني والدولي، نجح فريق بحث دولي يضم أساتذة جامعيين وباحثين مغاربة وأجانب، في فك الشيفرة الجينية الكاملة لشجرة الأركان (Sideroxylon spinosum)، وذلك من التيلومير إلى التيلومير، أي من البداية إلى النهاية، باستخدام أحدث تقنيات تسلسل الحمض النووي.
ثروة وطنية برؤية علمية جديدة
تُعد شجرة الأركان، التي تنمو بشكل طبيعي في جنوب غرب المغرب، رمزًا للتراث البيئي والاقتصادي الوطني. فزيتها الثمين يُستعمل في مجالات التغذية والتجميل، كما يشكل مصدر عيش لآلاف الأسر المغربية، خصوصًا النساء العاملات في التعاونيات التي تحولت إلى رافعة تنموية مهمة.
لكن دور الأركان يتجاوز الجانب الاقتصادي، إذ تشكل هذه الشجرة حصنًا بيئيًا في مواجهة التصحر وتغير المناخ، بفضل قدرتها على التكيف مع الظروف القاسية والحفاظ على التوازن الإيكولوجي في المناطق الجافة وشبه الجافة.
أهمية الاكتشاف
يرى الخبراء أن هذا الإنجاز العلمي يمثل قفزة نوعية في مجال علوم النبات، حيث سيمكن من:
- تحسين مردودية وجودة زيت الأركان عبر فهم أعمق للآليات الوراثية المسؤولة عن تكوينه.
- تطوير سلالات أكثر مقاومة للجفاف والأمراض والتغيرات المناخية.
- تعزيز برامج المحافظة والاستدامة لشجرة الأركان التي صنفتها اليونسكو تراثًا عالميًا محميًا.
- فتح آفاق للاستثمار في البحث العلمي التطبيقي، خاصة في الصناعات الغذائية والتجميلية والدوائية.
إشعاع دولي للبحث العلمي المغربي
لا يقتصر هذا الاكتشاف على قيمته العلمية فقط، بل يعكس أيضًا الإشعاع المتنامي للبحث العلمي المغربي، الذي بات قادرًا على قيادة مشاريع استراتيجية ذات صدى عالمي، بشراكات مع مراكز بحثية وجامعات مرموقة.
ويؤكد الباحثون المشاركون في المشروع أن المغرب، باعتباره الموطن الأصلي لشجرة الأركان، سيكون المستفيد الأول من هذه النتائج، سواء على مستوى المعرفة العلمية أو الانعكاسات الاقتصادية والتنموية التي قد تترتب عن تطوير سلاسل جديدة للإنتاج والتصدير.
مستقبل الأركان بين العلم والتنمية
هذا الإنجاز يفتح الباب أمام رؤية جديدة للتعامل مع شجرة الأركان، حيث لم تعد مجرد شجرة تقليدية تنتج زيتًا ثمينًا، بل أصبحت موضوعًا للبحث العلمي المتقدم يمكن أن يسهم في مواجهة تحديات الأمن الغذائي، وتغير المناخ، والتنمية المستدامة.
وبذلك، فإن فك الشيفرة الجينية للأركان يمثل انتصارًا للعلم المغربي، ورسالة قوية بأن الاستثمار في البحث العلمي قادر على تحويل التراث الطبيعي إلى رافعة تنموية وبيئية تخدم الأجيال القادمة.