ظاهرة “شعالة ليلة عاشوراء” بين الخرافة والعقيدة

مقدمة
في كل عام، ومع اقتراب اليوم العاشر من شهر محرم، تنتشر في بعض المجتمعات العربية والإسلامية ظاهرة تُعرف باسم “شعالة ليلة عاشوراء”، حيث يُعتقد أن إشعال النار في هذه الليلة يمنع المصائب ويجلب البركة. لكن هذه الممارسة تثير جدلًا واسعًا بين المؤيدين الذين يرونها تقليدًا تراثيًا، والمعارضين الذين يعتبرونها بدعةً لا أساس لها في الدين. فما حقيقة هذه الظاهرة؟ وهل هي مجرد خرافة أم أنها تمتلك أصلًا في العقيدة الإسلامية؟
الجذور التاريخية والثقافية
ترتبط ظاهرة “شعالة عاشوراء” ببعض المعتقدات الشعبية التي توارثتها الأجيال، حيث يعتقد البعض أن إشعال النار في ليلة عاشوراء يطرد الشرور ويحمي المنازل من الحوادث. وتختلف الروايات حول أصل هذه العادة، فبعضها يعيدها إلى قصص قديمة عن نبي الله نوح عليه السلام، بينما يربطها آخرون بأحداث تاريخية محلية لا سند ديني لها.
لكن عند الرجوع إلى المصادر الإسلامية، لا نجد أي دليل شرعي يدعم هذه الممارسة، مما يجعلها تقع في إطار العادات الشعبية وليس العبادات الشرعية.
الموقف الشرعي من “شعالة عاشوراء”
من الناحية الدينية، يرى معظم العلماء أن هذه العادة بدعة لا أصل لها في السنة النبوية، حيث لم يرد عن النبي محمد ﷺ ولا عن الصحابة أي فعلٍ مشابه. بل إن الإسلام يحذر من اتباع الخرافات والممارسات التي لا تستند إلى دليل شرعي.
ومع ذلك، فإن صيام يوم عاشوراء نفسه هو سنة مؤكدة، فقد ورد أن النبي ﷺ صامه وشجع المسلمين على صيامه، لكن دون أي ذكر لإشعال النيران أو الطقوس المشابهة.
بين التقاليد والوعي الديني
رغم أن بعض العادات قد تكون جزءًا من التراث الثقافي، إلا أنه من المهم التمييز بين ما هو تراثي وما هو ديني. فالممارسات التي لا تستند إلى نصوص شرعية قد تؤدي إلى انتشار الخرافات والابتعاد عن روح الدين القائمة على التوحيد والعبادة الصافية.
لذلك، ينبغي على المؤسسات الدينية والإعلامية توعية الناس بأن البركة والسلامة لا تأتي من إشعال النيران، بل من التقوى والالتزام بتعاليم الإسلام الصحيحة.
خاتمة
ظاهرة “شعالة ليلة عاشوراء” تظل مثالًا على التداخل بين المعتقدات الشعبية والمفاهيم الدينية. ورغم جمالية بعض التقاليد، إلا أن الفهم الصحيح للدين يحتم علينا التمسك بما ورد في الكتاب والسنة، وترك ما سوى ذلك من البدع والخرافات. فالأصل في العبادة هو الاتباع لا الابتداع، والبركة الحقيقية تكمن في الإيمان والعمل الصالح، وليس في طقوس لا دليل عليها.