Uncategorized

جيل “Z” يُوقظ الأحزاب من سباتها: دعوة لإعادة بناء الثقة وتأهيل الفعل السياسي



شهدت الساحة الوطنية في الأسابيع الأخيرة حراكًا شبابيًا غير مسبوق، قاده جيل ما بات يُعرف بـ«جيل Z»؛ جيل وُلد في زمن الرقمنة، وشبّ على ثقافة التعبير عبر المنصات الاجتماعية، ليُفاجئ المشهد السياسي التقليدي بقدرته على التنظيم الذاتي، وجرأته في طرح الأسئلة التي تؤرق فئات واسعة من المجتمع.
غير أن ما رافق بعض هذه التحركات من انفلاتات محدودة، بفعل بعض الدخلاء، أعاد إلى الواجهة سؤالًا عميقًا حول غياب التأطير السياسي والفكري للشباب، ومسؤولية الأحزاب في إعادة بناء جسور الثقة والمشاركة.

لقد كشفت هذه التحركات أن الشباب المغربي لا يعزف عن السياسة كما يُشاع، بل يعزف عن الأحزاب في صيغتها الحالية، بعدما تحولت لدى كثيرين إلى مؤسسات مغلقة، تفتقد القدرة على التواصل بلغة العصر، وتغيب عنها الدينامية التي كانت في الماضي تصنع زعماء وتُكوّن أجيالًا من المناضلين.
ففي الزمن الذي كانت فيه الأحزاب تمتلك تنظيمات موازية، من شبيبات وقطاعات نسائية وطلابية وكشفية، كان النقاش السياسي حيًّا، وكان الانتماء الحزبي يعني التكوين والتربية على المواطنة.
أما اليوم، فقد غابت تلك الفضاءات التربوية، وحلّ محلها فراغ قيمي جعل الشباب يبحثون عن بدائل رقمية تُتيح لهم التعبير، ولو خارج الأطر المؤسسية.

هذه اللحظة، بكل ما تحمله من رسائل صريحة، تمثل جرس إنذار للأحزاب السياسية التي وجدت نفسها أمام جيل مختلف في لغته، تفكيره، وأدواته.
جيلٌ لا يكتفي بالإنصات، بل يُطالب بالمشاركة الفعلية في صياغة القرار، وبنخب سياسية تُجيد مخاطبته بلغة الواقع لا بلغة الشعارات.

إن إعادة بناء الثقة بين الشباب والعمل الحزبي تقتضي من الأمناء العامين وقادة الأحزاب وقفة تأمل ومسؤولية، تفتح الباب لإصلاح عميق داخل هياكلها وبرامجها. فالتجديد لا يكون فقط بتغيير الوجوه، بل بتغيير المنهج والروح، وبإطلاق منصات رقمية تفاعلية تُعيد وصل ما انقطع بين المواطن والمؤسسة السياسية.

جيل “Z” ليس خصمًا، بل فرصة تاريخية لإحياء السياسة بمعناها النبيل.
فرصة لاستعادة القيم التي قامت عليها الأحزاب الوطنية منذ الاستقلال: خدمة الوطن والمواطن، لا البحث عن المقاعد.

لقد آن الأوان لأن تنتقل الأحزاب من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الفعل، ومن منطق التبرير إلى منطق الإقناع. فالوطن بحاجة إلى قوى سياسية حية، تؤمن بأن المستقبل يُصنع بالعقل والجرأة والإصغاء إلى شباب يملك الكثير من الأمل، والكثير من الأسئلة.


Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button