
الرباط، 4 أغسطس 2025 – بالرغم من المؤشرات الإيجابية التي سجلها قطاع الشركات الناشئة في المغرب خلال السنوات الأخيرة، إلا أن البلاد لا تزال تواجه مجموعة من التحديات التي تعيق تدفق الاستثمارات الأجنبية والمحلية بشكل أكبر، مما يؤثر على زخم نمو هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد الرقمي.
وأظهر تقرير صادر عن شركة “techcabal Insights” المتخصصة في الدراسات الاقتصادية الرقمية، أن حجم استثمارات الاندماج والاستحواذ والتوسع في الشركات الناشئة المغربية بلغ حوالي 232 مليون دولار عبر 111 صفقة منذ عام 2019 وحتى منتصف 2025، منها 12 مليون دولار فقط خلال النصف الأول من 2025. بينما تصدرت نيجيريا المشهد الإفريقي باستقطاب 4.8 مليار دولار عبر 907 صفقات، وتلتها كينيا ومصر بمليارات الدولارات أيضاً.
وأكد التقرير أن قطاع الخدمات المالية الرقمية (FinTech) يستحوذ على حصة الأسد من هذه الاستثمارات بنسبة 45%، ما يعكس توجهًا عالميًا متزايدًا نحو التكنولوجيا المالية.
وفأوضح زهير لخديسي، مستشار التحول الرقمي، أن “القطاع يشهد تطوراً جيداً، إلا أن المغرب ما زال يحتل مرتبة وسطى مقارنة بالدول الإفريقية الأخرى الأكثر استقطاباً للاستثمارات”، مشيراً إلى أن “اللغة الفرانكفونية تمثل حاجزاً رئيسياً، حيث أن أغلب الدول الإفريقية الناجحة تعتمد اللغة الإنجليزية وقوانين أقرب إلى النموذج الأمريكي، ما يسهل على المستثمرين الدوليين فهم بيئة الأعمال فيها والتعامل معها بمرونة أكبر”.
وأضاف لخديسي أن “التقنين واللوائح المشددة في المغرب تفرض قيوداً أكبر على الاستثمارات مقارنة بنظيراتها في دول مثل نيجيريا وكينيا، وهو ما يحد من سرعة اتخاذ القرار وتنفيذ المشاريع”.
من ناحية أخرى، سلط الخبير الضوء على “صعوبات نظام الصرف المغربي الذي يعيق خروج الأرباح المالية للمستثمرين الأجانب، بالإضافة إلى محدودية حجم السوق المحلية التي لا تسمح بالنمو الكبير مقارنة بالأسواق الإفريقية الكبرى”.
وفي سياق متصل، قال الطيب الهزاز، خبير الأمن المعلوماتي، إن “حجم الدعم المالي الموجه للشركات الناشئة في المغرب لا يتناسب مع الطموحات الوطنية في الرقمنة والتحول الرقمي”، مضيفًا أن “المملكة بحاجة إلى تخصيص ميزانيات أكبر لدعم الابتكار وحماية الفضاء الرقمي، خاصة مع قرب استضافة المغرب لكأس العالم 2030، التي ستخلق طلباً هائلاً على الخدمات الرقمية”.
وأكد الهزاز أن “الكفاءات الشابة في مجال التكنولوجيا تمتلك أفكارًا واعدة، لكنها تفتقر إلى الدعم المالي والتقني الكافي لتطوير مشاريعها وتحويلها إلى شركات ناجحة.”
ويبرز من خلال هذه التحديات الحاجة إلى تعزيز الآليات الداعمة لريادة الأعمال، وتبسيط القوانين وتحسين البيئة التنظيمية، بالإضافة إلى تحسين نظام الصرف لتشجيع الاستثمارات الأجنبية.
من جانبها، ترنو الحكومة المغربية عبر صندوق محمد السادس للاستثمار إلى ضخ موارد مالية معتبرة لتعزيز تمويل المشاريع الرقمية والشركات الناشئة، ما من شأنه تسريع وتيرة نمو القطاع ورفع جاذبية المغرب كمركز رقمي إقليمي.
ختامًا، يبقى نجاح الشركات الناشئة المغربية في استقطاب المزيد من الاستثمارات رهن تجاوز هذه العقبات، مع العمل على توفير بيئة مواتية تجمع بين الدعم المالي، البنية التحتية الرقمية، والتنظيم المرن، ما يمكّن المغرب من المنافسة بفعالية في السوق الإفريقي والعالمي للابتكار الرقمي.