Uncategorized

السياحة الداخلية في المغرب صيف 2025: بين غلاء الأسعار وهروب العائلات نحو القرى

رغم التحضيرات الكبيرة التي واكبت موسم الصيف 2025 في عدد من المدن السياحية الكبرى كأكادير، مراكش، طنجة، الصويرة والحسيمة، إلا أن مؤشرات الإقبال من طرف السياح المغاربة بقيت دون التوقعات، وسط تصاعد شكاوى المواطنين من الغلاء الفاحش في أسعار الكراء والخدمات الأساسية، ما أدى إلى عزوف واسع وتوجه متزايد نحو السياحة القروية أو البقاء في المنازل.

الأسعار تشتعل: شقق بـ1000 درهم لليلة ووجبات بـ600 درهم!

تقول السيدة فتيحة، موظفة من الرباط، في تصريح لـ “أكادير تيفي”:

“فوجئت بأسعار الكراء في الصويرة، ليلة واحدة بـ 900 درهم، والمطاعم أصبحت تفرض أسعارًا خيالية، حتى الماء المعدني في بعض الأماكن يُباع بـ15 درهمًا!”.

ويؤكد “عبد اللطيف.م”، صاحب وكالة أسفار في الدار البيضاء، أن الإقبال على العروض الداخلية انخفض بنسبة 40% مقارنة بصيف 2023، موضحًا:

“السبب الأساسي هو الارتفاع الصاروخي للأسعار، دون مراقبة أو سقف واضح. المواطن المغربي يفضل قضاء عطلته عند العائلة أو في القرى بسبب الأسعار الجنونية”.

السياح الأجانب في كل مكان.. والمغاربة خارج المعادلة

الغريب في المفارقة، هو أن المدن السياحية تعرف حركة نشيطة من طرف السياح الأجانب، خصوصًا من أوروبا، الذين يجدون الأسعار في المغرب مناسبة جدًا. لكن في المقابل، يشعر المواطن المغربي بالإقصاء من بلده، وهو ما عبّر عنه عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات مثل:

“الوطن لمن يدفع أكثر”، و”سائح في بلادي”.

غياب المراقبة.. وفوضى التسعيرات

وفي اتصال مع أحد أعضاء الجمعية الوطنية لمهنيي الإيواء السياحي بأكادير، قال:

“هناك فوضى حقيقية في كراء الدور المفروشة، وغياب شبه تام للمراقبة من طرف السلطات، خصوصًا خلال ذروة الصيف. بعض الملاك يستغلون الظرفية ويطلبون أسعارًا لا تعكس الخدمة ولا الجودة”.

الوجهة البديلة: القرى والجبال

في ظل هذا الوضع، ارتفعت نسبة الإقبال على المناطق القروية التي ما تزال تقدم خدمات بأسعار معقولة، وبأجواء هادئة وآمنة. ويُسجل ارتفاع لافت في أعداد المغاربة المتجهين نحو دواوير الأطلس الصغير، وشواطئ الجنوب غير المعروفة، وأرياف الشمال.

يقول الحاج إبراهيم، فلاح من ضواحي تارودانت:

“هذه السنة استقبلنا عائلات كثيرة من مراكش والبيضاء، جاؤوا يقضون العطلة هنا في الجبل.. الأسعار في المتناول والطبيعة أجمل من الفنادق!”.

أرقام رسمية: السياحة الداخلية متراجعة

بحسب المعطيات الصادرة عن مرصد السياحة المغربي لشهر يوليوز 2025، فإن:

  • نسبة الحجوزات من طرف مغاربة الداخل في المؤسسات المصنفة انخفضت بـ 27% مقارنة بصيف السنة الماضية.
  • نسبة إشغال الشقق المفروشة عبر المنصات الإلكترونية ارتفعت بـ 15% ولكن بتكلفة مرتفعة، ما يؤكد هيمنة العشوائية.

دعوات للتقنين والإنصاف

في ضوء هذا الوضع، طالب عدد من المهنيين والفاعلين الجمعويين بضرورة:

  • تقنين أسعار الكراء والمطاعم خلال فترات الذروة.
  • تشجيع السياحة القروية عبر دعم الجمعيات والتعاونيات المحلية.
  • فرض رقابة فعلية من طرف لجان مشتركة لحماية القدرة الشرائية.
  • تثمين العروض الموجهة للمغاربة ضمن المخطط الوطني لتنمية السياحة.

خاتمة: هل نحتاج إلى “عدالة سياحية”؟

السياحة ليست فقط مصدرًا للعملة الصعبة، بل حق اجتماعي للمواطن في الاستجمام والراحة. وفي بلد غني بالتنوع والمقومات، من غير المقبول أن يتحول الصيف إلى موسم إقصاء للمغاربة من مدنهم الساحلية بسبب الغلاء.
ربما حان الوقت للحديث عن “عدالة سياحية” تجعل من المغرب وجهة جذابة… لأبنائه أولًا.


Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button