الإسلام في الحبشة.. مجمع الملك النجاشي يخلّد عهد الأخوة الأولى

في قلب العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، انطلقت أشغال بناء مجمع الملك النجاشي الإسلامي، في حدث روحي استثنائي يستحضر أولى صفحات الأخوة الإسلامية التي ربطت المسلمين بأرض الحبشة منذ بزوغ نور الإسلام. وقد حضر حفل الانطلاقة كل من الشيخ حجي إبراهيم توفا، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا، وسفير المملكة العربية السعودية، إلى جانب شخصيات دينية ودبلوماسية بارزة.
إرث النجاشي.. مأوى الصحابة وذاكرة الإيمان
لم يكن اختيار اسم النجاشي اعتباطياً، بل استدعاءً لذاكرة تاريخية عميقة، حين فتح الملك العادل قلبه وبلاده لاستقبال الصحابة الكرام الذين هاجروا بدينهم فراراً من بطش قريش. يومها، نطق النجاشي بكلمات خالدة وهو ينصف المستضعفين: “اذهبوا فأنتم آمنون بأرضي، لا يُظلم عندي أحد”. فكانت الحبشة أول أرض عرفت معنى النصرة لله ورسوله بعد مكة.
المجمع.. صرح إيماني ورسالة سلام
المشروع الجديد ليس مجرد معمار ينهض من حجارة، بل هو صرح إيماني يحمل رسالة سلام وأخوة، ويجسد عمق الروابط الروحية الممتدة بين المسلمين في إفريقيا منذ فجر الدعوة وحتى اليوم.
وسيكون المجمع مركزاً دينياً وثقافياً وتعليمياً، يُرتقب أن يصبح من أبرز المعالم الإسلامية في إثيوبيا ومنارة إشعاع في منطقة القرن الإفريقي، بما يعزز نشر قيم الوسطية والاعتدال، ويكرّس روح التسامح التي قامت عليها تجربة الإسلام الأولى في أرض النجاشي.
الحبشة.. دار هجرة أولى، ودار عهد مستمر
لقد أراد الله أن تكون أرض الحبشة أول دار هجرة، لتُسطّر درساً خالداً في التاريخ الإسلامي: أن الدين القويم لا يقوم إلا على العدل والرحمة، وأن الأخوة بين الشعوب أوسع من حدود الجغرافيا والسياسة. واليوم، يأتي مجمع الملك النجاشي ليعيد وصل الحاضر بالماضي، وليجعل من أديس أبابا منارةً جديدة للتلاقي الروحي والثقافي في إفريقيا.
امتداد للرسالة المحمدية
إن تشييد هذا المجمع هو امتداد لرسالة النبي ﷺ التي حملها الصحابة الأوائل، وترسيخ لعهد النجاشي الذي ضرب مثالاً في نصرة الحق. وهو تذكير للمسلمين بأن الإسلام دين سلام وتعايش، وأن الأخوة في الله لا يحدها زمان ولا مكان.