أكادير: تنظيم أم تفويت؟ جدل واسع حول “كراء الشواطئ” وتحول الفضاءات العمومية إلى خدمات مؤدى عنها

في خطوة كان يُنتظر منها تنظيم استغلال الشواطئ وتحسين ظروف استقبال المصطافين، أصدر والي جهة سوس ماسة، سعيد أمزازي، قرارًا يقضي بسحب اختصاص كراء الشواطئ من الجماعات الترابية، بعد رصد تلاعبات و”سمسرة” تورط فيها منتخبون عمدوا إلى منح الامتيازات لأقاربهم ومعارفهم في صفقات مشبوهة ومنافع شخصية.
لكن ما بدا في البداية إجراءً إصلاحيًا محمودًا سرعان ما تحوّل إلى محط انتقادات واسعة من طرف المواطنين، بعد أن أفرز على أرض الواقع واقعًا جديدًا شبه احتكاري لفضاءات من المفترض أن تكون عمومية ومجانية.
كراء رمزي… مقابل خدمات مدفوعة!
وفقًا لمصادر ميدانية، فإن الشركات الخاصة الفائزة بصفقات استغلال الشواطئ تستفيد من أسعار زهيدة جدًا لكراء المساحات الشاطئية، مقابل التزامها – نظريًا – بتوفير مرافق وخدمات من قبيل:
- الولوجيات المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة
- نظافة الشاطئ
- مراحيض عمومية
- وأماكن جلوس منظمة
لكن المفارقة الصادمة أن هذه الخدمات المجانية، المنصوص عليها ضمن دفتر التحملات، أصبحت كلها مؤدى عنها، في خرق واضح لمبدأ الخدمة العمومية وتحويل البحر إلى مشروع ربحي يُقصي الفئات الهشة ومتوسطي الدخل.
غموض المساحات.. واستغلال مفرط
المثير في دفتر التحملات، حسب شهادات من ميدانية، هو غياب التحديد الدقيق للمساحات المكرية، ما فسح المجال لبعض الشركات إلى احتلال مساحات ضخمة من الشواطئ، ووضع كراسي ومظلات تمنع المواطنين من الجلوس المجاني، بل يصل الأمر في حالات عديدة إلى “طرد” المرتفقين الذين لا يرغبون في استئجار مظلات، تحت تهديد “أشخاص غرباء” يدّعون حق الاستغلال، وبـ”مباركة غير مباشرة” من السلطات.
🏖️ شاطئ إيموران.. نموذج صارخ للفوضى المقنّنة
في شاطئ إيموران بمنطقة أورير، تجلّى هذا الواقع بشكل فاضح، حيث أكدت شهادات عدد من المصطافين أنهم يُجبرون على كراء مظلات شمسية أو يُمنعون من البقاء في الشاطئ. بعضهم تحدث عن شعور بـ”الاحتقار” و”الحرج”، إذ كيف يُمنع المواطن من الاستجمام في شاطئ بلاده دون أداء مقابل لشركة خاصة؟
❓ إصلاح أم شرعنة استحواذ؟
القرار الذي اتُخذ باسم الشفافية ومحاربة الزبونية، يبدو أنه تحوّل إلى تفويت مقنّع لملكية جماعية، عبر عقود غامضة وشروط غير مراقبة، مما يطرح تساؤلات جوهرية:
- هل نحن أمام تنظيم فعلي؟ أم أمام تفويت تدريجي للشواطئ؟
- ما موقع المواطن البسيط في هذه المعادلة؟
- من يضمن احترام دفتر التحملات؟ ومن يراقب الشركات المستفيدة؟
- وأين هي المجالس المنتخبة من كل هذا؟
صوت المواطنين: “الشاطئ حق للجميع”
في ظل هذه الفوضى المقنّنة، تتصاعد الدعوات لمحاسبة المتورطين في منح الامتيازات بلا مراقبة، ولإعادة النظر في طريقة تدبير الشواطئ بما يضمن:
- مجانية الاستفادة من الفضاءات العامة
- احترام كرامة المواطن
- تفعيل رقابة حقيقية على احترام دفاتر التحملات
- ووضع حد لأي استغلال جبائي أو احتكاري للملك العمومي البحري
إن كراء الشواطئ ليس خطيئة في حد ذاته، لكن الخطيئة الكبرى هي تحويلها إلى حكر على من يدفع، ومجال مغلق أمام من لا يملك.