أخنوش يقرع طبول التعبئة الشاملة لتنفيذ قانون العقوبات البديلة ابتداء من غشت المقبل

في خطوة حاسمة نحو تحديث السياسة الجنائية وتعزيز العدالة التصالحية بالمملكة، دعا رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، إلى تعبئة شاملة لكافة القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، من أجل تنزيل سلس وفعّال لمضامين القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، المرتقب دخوله حيز التنفيذ ابتداء من 22 غشت 2025.
المنشور الرسمي الصادر عن رئيس الحكومة وُجّه إلى الوزراء والوزراء المنتدبين وكتاب الدولة، إضافة إلى المندوبين الساميين والمندوب العام، حيث حثّهم فيه على اتخاذ كل التدابير التنظيمية والتقنية الكفيلة بتهيئة الأرضية المناسبة لتنفيذ هذا الورش التشريعي الطموح. كما دعا إلى تحسيس مختلف المصالح المركزية والجهوية والمحلية بأهمية هذه المحطة، باعتبارها لبنة أساسية في مسار إصلاح العدالة الجنائية، وتوسيع نطاق البدائل السجنية في مواجهة الجنح ذات الطابع البسيط.
ومن أجل ضمان تنسيق فعّال بين القطاعات المعنية، شدد المنشور على ضرورة تعيين مخاطب رسمي عن كل قطاع حكومي، يتولى التنسيق المباشر مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، تمهيداً لإبرام اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف، تتفرع عنها برامج عمل محلية سنوية. هذه البرامج ستُحدد بدقة طبيعة الأشغال ذات المنفعة العامة، والمواقع المؤهلة لاستقبال المستفيدين من هذه العقوبة، فضلاً عن الضوابط القانونية والإجرائية المرتبطة بها.
إلى جانب ذلك، يرتقب أن تنخرط مختلف الإدارات والمؤسسات في لقاءات تشاورية موسعة، تُفضي إلى إعداد دفاتر تحملات دقيقة، تُحدد أدوار كل قطاع والوسائل المعتمدة في تتبع وتنفيذ العقوبات البديلة، بما في ذلك إنشاء قواعد بيانات وسجلات وطنية موحدة، يُعوّل عليها لاحقاً لتطوير برمجيات إلكترونية تتبع تنفيذ العقوبات، وتقييم فعاليتها على الأرض.
ويأتي هذا الورش في إطار التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى إصلاح السياسة العقابية، وجعلها أكثر نجاعة وإنصافاً، عبر اعتماد مقاربات بديلة تراهن على إعادة الإدماج والتأهيل، بدلاً من الزجر والعقاب وحده.
ويتيح القانون الجديد للمحاكم المغربية إمكانية استبدال العقوبات السجنية التي لا تتجاوز خمس سنوات بمجموعة من التدابير البديلة، من بينها:
- العمل لفائدة المنفعة العامة؛
- الخضوع للمراقبة الإلكترونية؛
- تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير علاجية وتأهيلية؛
- أداء غرامات مالية يومية.
إلا أن المشرّع استثنى من هذا الإجراء حالات العود، وأقرّ مجموعة من الضمانات الحمائية للمحكوم عليهم وأسرهم، ضماناً للكرامة وحقوق الإنسان، إلى جانب مراعاة الصالح العام، عبر تقليص الكلفة الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عن السجن.
ويُرتقب أن يشكل دخول هذا القانون حيز التنفيذ نقطة تحول نوعية في مسار العدالة الجنائية ببلادنا، حيث من شأنه أن يُسهم في خفض معدلات الاكتظاظ داخل السجون، وفتح أفق جديدة أمام فئات عريضة من المحكومين لإعادة الاندماج الإيجابي في النسيج المجتمعي، بما يعزز قيم المواطنة ويساهم في بناء مجتمع أكثر عدلاً وتوازناً.