Uncategorized

الدر البيضاء التاريخية… قصص العائلات العريقة


الدار البيضاء: ملتقى العائلات المتنوّعة – من جذورٌ وامتدادات

تشكّلت الدار البيضاء الحديثة عبر عقود من التلاقح بين عائلات وفئات متنوعة، إذ استقطبت هذه المدينة الواعدة في بداية القرن العشرين شخصيات بارزة من مختلف جهات المغرب، ليصنعوا معاً نسيجاً اجتماعيًا غنيًا بالروابط والأنساب المشتركة.

أصول العائلات المرتبطة بمدينتها

كتب الباحث عبدالمجيد الغندور في كتابه “الدار البيضاء: النشأة والأنساب”، أن المدينة احتضنت أنساباً متعددة يعود أصلها إلى مديونة، أولاد بن عمر، أولاد أحريز وزيان، سوس، زمور، دكالة، الرحامنة، الرباط، مكناس، فاس، الشمال، بني ملال… وقد دمجت هذه العائلات جسماً اجتماعياً متماسكاً تميّز بالتبادل الودي والتعاون المتعدد.

شبكة المصاهرات: روابط أكثر من مجرد ألقاب

من أبرز ملامح التركيب الاجتماعي البيضاوي القديم، شبكة المصاهرات التي ربطت العائلات بأنسابتهم وضفائر دمٍ مشتركة. يورد الغندور أمثلة حيّة على هذا التداخل:

  • الحاج بوشعيب الحداوي ارتبط نسبه بعائلة الزرقطوني، فكانت رابطة رحم قوية بين العائلتين.
  • عائلة بوشنتوف، وأصلها شمالي، انخرطت في النسيج البيضاوي من خلال زواج بوبيعة بنت حمان الرحماني بالحاج بوشنتوف، مما أحدث امتدادات اجتماعية مهمة.
  • بوعزة بن الخياطي (المُلقّب بـ”غلف”) مالك درب غلف، وهو مثالٌ من أمثلة التداخل بين العائلات: بعد وفاته توّجَت الروابط بلقاء فاطنة بنت الطيبي مع الحاج المكي الحريزي الحبشي، مما جمع فروعاً مختلفة تحت اسم واحد.

فاعلون ضمن المضمار الاقتصادي والسياسي

ساهمت عائلات مثل المديونيين في إدارة المدينة، إذ ذُكر القائد السيد أحمد بن العربي المديوني كأحد رجالات المخزن، وقد أنجب أولاداً وسلسلة من المورّثين المؤثرين الذين ولي بعضهم مهام الدولة العليا.

الوجوه الفاسية في النسيج البرجوازي البيضاوي

لم يكتفِ الأصليون بالمدينة؛ بل تراوحت أصول العديد من العائلات النافذة إلى فاس، فقد أصبح لقب “الفاسي” شائعاً خاصّة بين النخب الاقتصادية والسياسية. ومن بين هذه الأسر:

  • البيجلاليون (Benjelloun) من بين أوائل المستثمرين العقاريين والحرفيين في الدار البيضاء. من أبرز أبنائهم: عثمان بنجلون، الذي أسّس إمبراطورية مالية قوية عبر البنوك والوساطة المالية.
  • إلى جانبه، برز اسم لامراني، الذي شغل منصب رئاسة الحكومة عدة مرات، وارتبط اسمه بالشركات الكبرى في قطاعات مثل الفوسفات والخدمات البنكية.

كما أن الفاسيين عُرفوا بتغلغلهم في البيروقراطية والوظيفة العليا، مثل أسر العلمي، الفاسي، القاضي، التازي، البنسوّدة وغيرها، الذين أصبحوا أعمدة في الجهاز الإداري المغربي بعد الاستقلال.

من الأحياء الأصيلة إلى التقسيم الاجتماعي

لا يغيب عن الذكر أهمية أنفا ومديونة كنواة لأحياء ومهاد عائلات متعددة، استقرت في قلب المدينة ومنحت الدار البيضاء هويتها المكانية والثقافية.


خلاصة

ترسم دروب الدار البيضاء العتيقة حكاية مدينةٍ نشأت في طقس التعدد والانفتاح، بلغة عائلاتٍ تقاطعت أصولها بين المديوني والفاسي والسوسي وغيرها، فبنت نسيجًا اجتماعيًا قائمًا على الزواج والميراث والاقتصاد والسياسة. وعلى الرغم من مرور الزمن، فإن أسماء هذه الأسر لا تزال حاضرة في بوصلة العاصمة الاقتصادية للمغرب، شاهدة على عصر تشكّلها وسهرها على بناء نسيجها الحديث.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button