Uncategorized

واد الجنة.. الجمال المخفي بين جبال الأطلس الصغير يشق طريقه نحو الواجهة السياحية



سوس ماسة – يوليوز 2025

في قلب جبال الأطلس الصغير، وعلى بُعد مسافة قصيرة من مدينة أكادير، يقع واد الجنة (Paradise Valley)، ذلك الفردوس الطبيعي الذي يأسر الزائر بجماله البكر، وهدوئه الساحر، وتنوعه البيئي الفريد. واليوم، يدخل هذا المعلم الطبيعي مرحلة جديدة من العناية والتهيئة، بعد إطلاق عدد من المشاريع التنموية الرامية إلى تسهيل الولوج إليه وتحسين خدمات الاستقبال والبنية التحتية.

🌿 واد الجنة.. كنز بيئي وسياحي

يمتاز واد الجنة بموقعه الفريد وسط منحدرات صخرية ووديان مياه عذبة، تتخللها أشجار النخيل واللوز والزيتون، مما يجعله وجهة مفضلة لعشاق الطبيعة، والمغامرين، والباحثين عن فسحة هادئة خارج صخب المدينة.

لطالما شكّل هذا الموقع محطة استجمام مفضّلة لسكان أكادير وزوار المنطقة، خصوصًا خلال فصل الصيف، حيث تعرف المنطقة إقبالًا كبيرًا، رغم بعض الصعوبات المرتبطة بحالة المسالك الطرقية ونقص التجهيزات.

🛠️ مشاريع تهيئة وتسهيل الولوج

في إطار استراتيجية تنموية تهدف إلى تثمين المؤهلات الطبيعية بالجهة، أطلقت السلطات المحلية بشراكة مع مجلس جهة سوس ماسة وجماعة تامري مشاريع تهيئة شاملة بالمنطقة. وتشمل هذه المشاريع:

تأهيل الطريق المؤدية إلى واد الجنة، لتسهيل تنقل السيارات والحافلات الصغيرة.

تهيئة مواقف للسيارات لضمان انسيابية الحركة في أوقات الذروة.

إحداث فضاءات للاستراحة ومرافق صحية تستجيب لمعايير الاستقبال البيئي.

وضع لوحات إرشادية ومسارات للمشي تحفظ سلامة الزوار وتُعرّفهم بالنظام الإيكولوجي للمنطقة.

إشراك شباب المنطقة في المبادرات السياحية المحلية كمرافقين سياحيين وحراس بيئيين.

🌍 تنمية تحترم البيئة

في تصريحات لعدد من الفاعلين المحليين، أُكد أن تهيئة واد الجنة تأخذ بعين الاعتبار ضرورة الحفاظ على التوازن البيئي للمنطقة، عبر اعتماد مقاربة تنموية مستدامة، تدمج العنصر البيئي والاجتماعي والثقافي.

شهادات السكان

تقول فاطمة، شابة من منطقة أقصري:

“كنا دائمًا ننتظر مثل هذه المبادرات. واد الجنة ليس فقط مزارًا سياحيًا، بل جزء من ذاكرتنا وهويتنا. التهيئة ستساعدنا على خلق فرص عمل للشباب المحلي.”

من جهته، عبّر أحد الزوار القادمين من الدار البيضاء عن إعجابه بالمنظر الطبيعي للمنطقة، قائلاً:

“أول مرة أزور واد الجنة، وانبهرت بجماله، لكن بالفعل هناك حاجة لتحسين المسالك والخدمات. المشروع سيساهم في إعطاء هذا الموقع ما يستحقه.”

✅ نحو سياحة بيئية راقية ومستدامة

يمثل واد الجنة اليوم نموذجًا لمواقع طبيعية يمكن أن تتحول إلى روافع تنموية حقيقية في حال تضافرت الجهود بين الدولة والمجتمع المدني والسكان المحليين. فهل نكون أمام انطلاقة جديدة لوجهة سياحية إيكولوجية بامتياز في المنطقة

تفاصيل تقنية عن مشروع التهيئة

وفقًا للوثائق التقنية للمشروع، فإن الكلفة الإجمالية للتهيئة تناهز 67 مليون درهم، موزعة على عدة مراحل تمتد إلى غاية 2026، وتشمل العناصر التالية:

تهيئة 14 كلم من المسالك الطرقية بين دوار تمزريت وواد الجنة، مع تقوية القناطر وتأمين المنعرجات الجبلية.

بناء مواقف للسيارات بسعة إجمالية تصل إلى 250 مركبة، موزعة على ثلاث نقاط.

تشييد فضاءات استقبال ومرافق صحية لفائدة الزوار، مع احترام الهندسة المحلية والمواد البيئية.

إنشاء أكشاك خشبية مرخصة للشباب والتعاونيات المحلية، مخصصة لبيع المنتوجات الطبيعية (العسل، أركان، الأعشاب الطبية، الصناعات التقليدية).

تشجير جنبات الوادي بغرس 3,000 شجرة ظل وزينة.

تكوين 60 شابًا من أبناء الدواوير المجاورة في الإرشاد السياحي، والسلامة البيئية، وتدبير الخدمات.

تصريحات مسؤولين من جهة سوس ماسة

في تصريح خصّ به الجريدة، قال السيد كريم أشنكلي، رئيس جهة سوس ماسة:

“واد الجنة جزء من رؤيتنا للنهوض بالسياحة القروية والبيئية. لا يمكن أن نحصر التنمية في الشريط الساحلي فقط. مشاريع مثل هذه تسعى لفك العزلة عن العالم القروي، وخلق فرص عمل قارة للشباب، ودمج المجال الجبلي في دورة الاقتصاد المحلي.”

كما أكد السيد سعيد أمزازي، عامل عمالة أكادير إدوتنان، على أهمية تأمين المشروع بيئيًا:

“نحرص على أن لا تتحول جمالية واد الجنة إلى ضحية للازدحام أو التعمير العشوائي. هناك تنسيق دقيق مع المصالح البيئية والهندسية لضمان أن كل تدخل يحافظ على الهوية الإيكولوجية للمكان.”

من جانبه، أشار مدير المديرية الجهوية للسياحة، الحسين أولحاج، إلى أن واد الجنة سيكون جزءًا من “المنتوج السياحي الجبلي” الذي تعكف الوزارة على تطويره:

“نحن نراهن على السياحة المستدامة، وواد الجنة مرشح لأن يصبح نقطة استقطاب رئيسية للسياح الباحثين عن الطبيعة والتجربة الأصيلة خارج المسارات المعتادة.”

🌿 صدى إيجابي لدى السكان

الساكنة بدورها عبّرت عن ارتياحها لهذا المشروع. إذ يقول الشاب سعيد أوطاط، عضو تعاونية بيئية محلية:

“نعيش على هامش التنمية منذ سنوات. اليوم نشعر أن صوتنا وصل أخيرًا. نأمل أن نستفيد من هذه المشاريع، لا أن نُقصى كما حدث في مناطق أخرى من المغرب.

نحو إدماج واد الجنة في الخارطة السياحية الكبرى

مع تقدم أشغال التهيئة، وتزايد التغطية الإعلامية، ينتظر أن يصبح واد الجنة أيقونة جديدة للسياحة الجبلية في المغرب، نموذجًا في الاستثمار البيئي العاقل، ومنصة لتجارب سياحية مغايرة، تدعم الاقتصاد المحلي وتحفظ التوازن الإيكولوجي.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button