Uncategorized

رئيس الحكومة الأسبق يُحذر من “مغالطة الرأي العام” وتسويق منجزات الدولة كمكاسب حزبية


أكادير | 12 يوليوز 2025

في تصريح لافت، خرج رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، ليرد بشكل مباشر على ما وصفه بمحاولات نَسْب المشاريع التنموية في أكادير لحزب التجمع الوطني للأحرار، ورئيسه عزيز أخنوش، الذي يرأس أيضًا المجلس الجماعي للمدينة.

وقال بنكيران، في حديث خص به موقع مغرب تايمز، إن “ما يُنجز اليوم في أكادير ليس وليد حكومة أخنوش، بل يُعتبر امتدادًا لبرنامج ملكي انطلق منذ سنوات، وبالضبط سنة 2020، عندما أطلق الملك محمد السادس برنامجًا تنمويًا واسعًا للمدينة”.


“مشاريع السلطان”.. رؤية ملكية لا تحتمل التسييس

شدد بنكيران على أن هذه المشاريع تصنّف ضمن ما يُعرف في القاموس السياسي المغربي بـ”مشاريع السلطان”، أي تلك التي يتولى الملك شخصيًا الإشراف عليها، منذ لحظة التخطيط والإعلان وحتى التنفيذ. وأضاف:

“لا يمكن لأي جهة أن تدعي الفضل المطلق في هذه المشاريع، فهي ليست من إبداع حزب أو مجلس معين، بل من تصور استراتيجي ملكي متكامل.”

وأشار إلى أن الحكومة الحالية “تواصل فقط تنفيذ ما تم التخطيط له سابقًا”، في إشارة إلى بداية انطلاق المشاريع خلال ولاية حكومة العثماني التي ترأسها حزب العدالة والتنمية، وكانت جماعة أكادير آنذاك تحت قيادته أيضًا.


رسائل مشفّرة إلى حزب “الحمامة”

وفي لهجة مباشرة، خاطب بنكيران مسؤولي حزب الأحرار قائلاً:

“نعم درتو، ولكن ماشي بوحدكم، وماشي نتوما الأولين، وماشي نتوما مالين الشي، واخا هادشي ماشي فالمستوى اللي كنتُ كنتمناه.”

التصريح اعتُبر رسالة سياسية قوية، يُذكّر من خلالها بنكيران بأن العمل السياسي الجماعي هو تراكمي، ولا يُمكن اختزاله في حزب أو حكومة بعينها.


المغرب وكأس العالم 2030.. مثال آخر على مركزية القرار

ضمن نفس السياق، استدل بنكيران بتنظيم كأس العالم 2030، معتبرًا أن هذا المشروع هو ملف ملكي بامتياز، ولا يدخل ضمن اختصاصات الحكومات، بل تشرف عليه أعلى سلطة في الدولة.
وقال:

“مثل هذه المشاريع الكبرى التي تُعزز صورة المغرب خارجيًا، لا تُترك لحسابات السياسات الحزبية أو التنافس الانتخابي.”


بنكيران يستعيد حضوره في مواجهة “سياسة التسويق”

تصريحات بنكيران تأتي في وقت تتزايد فيه الانتقادات لما يسميه مراقبون بـ**”تسويق المشاريع الوطنية كإنجازات حزبية”**، خاصة من طرف حزب الأحرار، الذي يقود الحكومة الحالية ويتولى تدبير عدد من الجماعات الترابية.

ويبدو أن الأمين العام لحزب المصباح يسعى إلى إعادة التذكير بـ”دور الدولة والملك” في رسم السياسات الكبرى، ومحاصرة ما يعتبره “توظيفًا مفرطًا للمنجزات من طرف حزب معين لأغراض سياسية وانتخابية”.


بين سطور كلامه، يُحذر بنكيران من اختزال العمل التنموي في صراعات حزبية ضيقة، ويدعو إلى الاعتراف بالدور المؤسسي المتكامل، وعلى رأسه القيادة الملكية، في النهوض بالمدن المغربية، وعلى رأسها أكادير.

فهل تُعيد هذه التصريحات النقاش إلى مساره الصحيح، بعيدًا عن مغالطات الحملات الإعلامية؟ أم أنها تُمهّد لعودة “الصوت المعارض” داخل المعادلة السياسية المغربية؟



تحليل خاص لتصريحات بنكيران

عودة الصوت المعارض لتعرية “سياسة التملك الحزبي” للمنجزات الملكية

ما يبدو في ظاهره مجرد تجاذب سياسي عابر، يخفي خلفه رهانات أكبر تتعلق بطبيعة السلطة، وتوزيع الفضل، وهوية الفاعل التنموي الحقيقي في المغرب.


1. مشاريع “السلطان” vs التسويق السياسي

تصريحات بنكيران تنطلق من فكرة جوهرية يصف بها المشاريع الكبرى التي تُطلق في المغرب، وهي أنها ليست من جنس المشاريع الحزبية أو الحكومية الظرفية، بل تنتمي لما يسميه بـ”مشاريع السلطان“، أي تلك التي:

  • يُطلقها الملك شخصيًا.
  • تُشرف عليها المؤسسة الملكية تخطيطًا وتنفيذًا.
  • تندرج ضمن رؤية استراتيجية طويلة المدى، تتجاوز الولايات الحكومية.

هذا التوصيف، وإن كان يبدو أقرب إلى لغة المجاملة البروتوكولية، إلا أنه يفتح نقاشًا سياسيًا عميقًا حول حدود الفعل التنفيذي للأحزاب في المغرب، في ظل المكانة الخاصة للمؤسسة الملكية كمحرك مركزي للتنمية.


2. هل يحاصر بنكيران “الشرعية السياسية البديلة”؟

من خلال هذا الخطاب، يُعيد بنكيران التأكيد على أن الشرعية التنموية والسيادية الحقيقية في المغرب ليست بيد الحكومات، بل بيد الملك، وهو ما يُفهم أيضًا كنوع من:

  • نزع الشرعية الرمزية عن محاولة حزب التجمع الوطني للأحرار تقديم نفسه كفاعل وحيد وراء منجزات المدن الكبرى كأكادير.
  • تحجيم صورة “أخنوش رجل المرحلة” التي يحاول أن يُسوّقها الأحرار عبر الجمع بين رئاسة الحكومة والمجالس الترابية ذات المشاريع البارزة.

بنكيران، هنا، لا يهاجم فقط “السطو على المشاريع”، بل يسعى إلى إعادة توجيه النقاش السياسي المغربي نحو مفهوم التراكم المؤسسي والعمل الجماعي.


3. حرب رمزية حول “من يملك الفضل؟”

النقاش لا يتعلق فقط بأكادير، بل هو حرب رمزية حول سؤال عميق:
من يملك حق نسب المنجز؟

  • هل هو الحزب الذي يُدبّر الجماعة لحظة قص الشريط؟
  • أم الحكومة التي تُشرف على التنفيذ التقني؟
  • أم الملك الذي رسم الرؤية وأطلق الإشارة الأولى؟

بنكيران، الذي يفهم جيدًا لغة الشرعية، يُحاول أن يُعيد الأمور إلى نصابها بتذكير الجميع بأن الفضل لا يُشترى في الحملات الإعلانية، بل يُبنى بالمسؤولية المؤسسية، وهو ما يتطلب احترام تسلسل القرار العمومي بالمغرب.


4. ما وراء التصعيد.. هل هي عودة للمعارضة القوية؟

هذا الخطاب يأتي في وقت حساس بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، الذي يعيش حالة إعادة بناء رمزي بعد السقوط المدوي في انتخابات 2021.
ولذلك، فإن تصريحات بنكيران:

  • تُعيد تقديم الحزب كصوت معارض حقيقي داخل الحياة السياسية، بعيدًا عن الصمت التكتيكي.
  • تُوجه رسائل للرأي العام بأن حكومة أخنوش تمارس تسويقًا سياسيًا لا يُراعي طبيعة التوازنات العميقة للسلطة في المغرب.
  • تُهيّئ المسرح لصراع انتخابي مؤجل، ستكون فيه الشرعية والإنجاز والتدبير المحلي عناوين المعركة القادمة.

5. خاتمة: حين يتحوّل المنجز العمومي إلى مادة صراع رمزي

تصريحات بنكيران لا يجب قراءتها فقط باعتبارها رد فعل على “نسب الفضل”، بل كجزء من معركة خطابية حول من يُمثل الدولة ومن يُمثل الحزب.

وفي نظام سياسي مركزي كالمغرب، لا تزال المؤسسة الملكية الفاعل الوحيد الذي يجمع بين الشرعية والمشروعية، بينما تخوض الأحزاب معركة التموقع الرمزي داخل هذا الهامش.

ولهذا، فإن تذكير بنكيران بأن أكادير ليست “هدية انتخابية” من حزب الأحرار، بل محطة من محطات رؤية ملكية، هو في الحقيقة تحصين للرمزية الملكية ضد الاستغلال السياسوي، وفي الآن ذاته محاولة لاستعادة المبادرة السياسية من طرف معارضة تعرف قواعد اللعبة جيدًا.


تحليل خاص بموقع أصداء الجهة – 12 يوليوز 2025

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button