من المغرب إلى عمان: مناجم النحاس العربية تفتح الباب لعصر استثماري جديد

في خطوة تعزز من الحضور العربي في خريطة المعادن العالمية، كشفت بيانات حديثة عن وجود خمسة من أكبر مناجم النحاس في العالم العربي، موزعة بين المغرب، سلطنة عمان، موريتانيا، والأردن، وتُعد هذه المواقع بوابة نحو طفرة اقتصادية مستقبلية في مجال الصناعات التعدينية والتكنولوجية.
كنوز تحت الأرض
تأتي هذه الاكتشافات في وقتٍ يشهد فيه العالم سباقًا محمومًا نحو تأمين مصادر المعادن الاستراتيجية، وعلى رأسها النحاس، الذي يشكل حجر الأساس في صناعات الطاقة المتجددة، السيارات الكهربائية، والبنى التحتية الرقمية.
وتمثل هذه المناجم احتياطيات تُقدَّر بملايين الأطنان، ما يجعلها ذات أهمية محورية في السوق العالمي للمعادن، في ظل التوترات الجيوسياسية وسلاسل الإمداد المتقلبة.
أبرز المناجم
- المغرب: يمتلك احتياطات كبيرة من النحاس خاصة في الجنوب الشرقي، ويُعد من بين الدول الإفريقية الرائدة في تصدير النحاس والفضة. شركة Managem المغربية تُعد فاعلًا رئيسيًا في استخراج النحاس بقدرات إنتاجية تجاوزت 55 ألف طن سنة 2023.
- سلطنة عمان: استأنفت عمليات التعدين في منجم “Lasail” بولاية صحار، الذي يعود إلى ما قبل أكثر من ثلاثة عقود. ويُنتظر أن يصل إنتاجه إلى 500 ألف طن سنويًا. كما تخطط السلطنة لتشغيل منجم “البيضاء” الجديد لتعزيز مكانتها كمركز تعدين في الخليج.
- موريتانيا: منجم “گلب أمقرين” في مدينة أكجوجت يمثل أحد أكبر المناجم في غرب إفريقيا، ويُنتج آلاف الأطنان من النحاس المركز سنويًا. ويدعم هذا المشروع احتياطيات ضخمة من النحاس والذهب، جعلت البلاد محط أنظار المستثمرين الدوليين.
- الأردن: ورغم التركيز السابق على الجانب التاريخي، فإن مناطق مثل “وادي فينان” و”خربة النحاس” تُعتبر من أقدم مواقع تعدين النحاس في التاريخ، وتستعد الأردن لإعادة إحياء هذه المناطق ضمن مشروع وطني لإحياء الصناعات الاستخراجية.
📈 أبعاد استراتيجية
يرى خبراء الاقتصاد أن هذا التطور يمثل نقلة نوعية في مسار التنمية المستدامة للدول العربية، ليس فقط عبر تصدير المواد الخام، ولكن من خلال بناء سلاسل صناعية متكاملة تبدأ من التعدين وتنتهي بالتكرير والتصنيع.
كما أن المنطقة العربية مرشحة لتكون أحد الحلول البديلة أمام أوروبا وآسيا لتعويض نقص الإمدادات الناجم عن النزاعات الجيوسياسية.
التحديات
ورغم هذه الفرص، لا تزال هناك تحديات قائمة، أبرزها:
- الحاجة لتطوير البنية التحتية (طرق، سكك، طاقة).
- ضمان توازن بيئي في العمليات الاستخراجية.
- إعداد كفاءات بشرية متخصصة في تكنولوجيا التعدين.
- جلب استثمارات دولية بشروط عادلة ومُستدامة.
خاتمة
النحاس العربي ليس مجرد مورد طبيعي، بل ورقة استراتيجية تعيد رسم مكانة العالم العربي في الاقتصاد العالمي. وبينما يسير العالم نحو مستقبل كهربائي وأخضر، قد تصبح هذه المناجم من أهم مفاتيح السيادة الصناعية والطاقية في المنطقة لعقود قادمة.