من أكادير إلى لانزاروتي.. غموض يلفّ اختفاء مركب صيد وظهور مفاجئ لطاقم مغربي في جزر الكناري

في تطور يثير الكثير من الشكوك والتكهنات، اهتزّت الأوساط البحرية بجهة سوس ماسة على وقع حادثة اختفاء غامض لمركب صيد سردين من ميناء أكادير، تزامنًا مع ظهور مفاجئ لقارب يحمل 14 مغربيًا، بينهم قاصر، في ميناء أريثيفي بجزيرة لانزاروتي الإسبانية، حيث تقدموا بطلبات للجوء السياسي بمجرد وصولهم.
حادثة الاختفاء، التي وقعت ليلة الأحد، وُصفت من قبل مهنيين في القطاع البحري بـ”الهروب الكبير”، نظرًا للطريقة المحكمة التي تم بها تنفيذ العملية، والتي تشير إلى تخطيط مسبق وسيناريو يتجاوز حدود الهجرة الفردية. فقد أكدت المعطيات الأولية أن آخر إشارة من جهاز التتبع البحري للمركب سُجّلت مساء الأحد على الساعة السابعة، قبل أن يدخل المركب في “صمت راداري” أثار الكثير من التساؤلات.
الأمر لم يتوقف عند ذلك، بل إن الشخص الوحيد الذي كان ظاهرًا على متن المركب عمد إلى تسريح طاقم الحراسة في توقيت مثير للريبة، ثم تولى قيادة المركب إلى رصيف خارجي بعيد عن أعين المراقبة، في خطوة تمهيدية يُعتقد أنها سبقت مغادرة سرية تمت فجر الاثنين.
وفي سياق متصل، استقبل ميناء “لوس مارموليس” في أريثيفي، يوم الثلاثاء، قاربًا يحمل العلم المغربي، وعلى متنه 14 بحارًا مغربيًا، أفادت تقارير إعلامية أنهم كانوا محشورين في غرف ضيقة لا تتسع سوى لثمانية أشخاص، في ظروف غير إنسانية. وبحسب مصادر صحيفة “Diario de Lanzarote”، فإن القارب يُشتبه في أنه تم الاستيلاء عليه وانطلق من المغرب في ظروف غير واضحة، حيث قامت الشرطة الوطنية الإسبانية باحتجاز القارب وتوليت ملف طلبات اللجوء، فيما تم نقل القاصر إلى مركز رعاية تحت إشراف السلطات الكنارية.
التشابه الزمني والتقني بين الحادثتين دفع بعدة أطراف إلى التساؤل عن وجود رابط محتمل بين المركب المختفي في أكادير والقارب الذي ظهر في لانزاروتي، خاصة وأن عملية الاختفاء شملت ثلاثة أفراد آخرين من طاقم الحراسة وبحارًا كان معروفًا بارتباطه الوثيق بالمركب. وقد رجّحت مصادر متطابقة أن يكون هؤلاء هم من شكّلوا النواة الفعلية للعملية، ضمن شبكة منظّمة نفذت خطة دقيقة لتفادي أجهزة المراقبة.
في المقابل، لم تؤكد أي جهة رسمية مغربية أو إسبانية حتى الآن وجود صلة مباشرة بين المركب المختفي والقارب الوافد إلى الأرخبيل الكناري، إلا أن التحقيقات الأمنية ما زالت متواصلة على الجانبين، في ظل تضارب الفرضيات بين محاولة هجرة سرية جماعية، أو تهريب منظم عبر المسالك البحرية.
ويرى مهنيون في القطاع أن المركب لم يكن مزودًا سوى بكمية قليلة من الوقود، وهو ما يستبعد فرضية الوصول إلى وجهات بعيدة دون مساعدة خارجية، مما يفتح الباب أمام فرضية التنسيق مع قوارب سريعة في عرض البحر، إما لنقل شحنات أو لإتمام عملية تهريب بشر من نوع خاص، تمويهًا بطلبات اللجوء السياسي.
هذه التطورات أعادت إلى الواجهة إشكالية المراقبة داخل الموانئ المغربية، وأثارت جملة من التساؤلات حول الثغرات التي يمكن أن تستغلها شبكات التهريب أو الهجرة غير النظامية، خصوصًا في ظل تزايد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع البعض إلى المجازفة والمغامرة نحو المجهول.
وفي انتظار نتائج التحقيقات الجارية، تبقى هذه الواقعة واحدة من أغرب وأعقد الحوادث التي عرفها ميناء أكادير في تاريخه الحديث، وقد تشكل، في حال تأكد الربط بين الحادثتين، سابقة تكشف عن مستوى جديد من التنظيم في عمليات الهروب الجماعي عبر البحر