مطالب بإحداث تقسيم إداري جديد بأكادير للحد من العزلة وتحقيق العدالة المجالية

تعود قضية إعادة النظر في التقسيم الإداري بإقليم أكادير إداوتنان إلى الواجهة من جديد، بعد تزايد شكاوى المواطنين وتفاقم معاناة سكان عدد من الدواوير النائية التي تعاني من العزلة وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية. هذه المعاناة دفعت عدداً من النواب البرلمانيين إلى توجيه مطالب مباشرة إلى وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، من أجل التدخل العاجل وإحداث تقسيم إداري جديد يخفف من أعباء التنقل ويفتح آفاق تنمية متوازنة ومتجانسة.
وتشير المعطيات إلى أن دواوير تابعة لجماعة إيموزار، مثل أيت ناصر، إيمسكر، وتيزي إيمسكر، تعاني بصفة خاصة من التهميش وبُعد المركز الإداري الرسمي، حيث يضطر سكان هذه الدواوير إلى قطع مسافات طويلة تتجاوز في بعض الأحيان 80 كيلومتراً ذهاباً وإياباً للوصول إلى مقر الجماعة أو القيادة، للحصول على وثائق إدارية أو خدمات اجتماعية ضرورية. في المقابل، توجد جماعات مجاورة مثل تغازوت وتامري تبعد مسافات قليلة لا تتجاوز بضعة كيلومترات، لكنها لا تشمل هذه الدواوير ضمن اختصاصها الإداري، ما يحرم السكان من خدماتها.
تنعكس هذه الوضعية السلبية على حياة السكان اليومية، حيث يعاني التلاميذ من صعوبة الوصول إلى المؤسسات التعليمية الإعدادية بجماعة تيقي، كما يضطر المرضى إلى التنقل لمسافات طويلة نحو المركز الصحي بإيموزار، فضلاً عن صعوبة الولوج إلى وكالات شحن بطاقة الكهرباء ونقص وسائل النقل الجماعي، مما يزيد من العزلة ويحد من فرص التنمية المحلية.
ويرى متابعون أن التقسيم الإداري الحالي لا يعكس الواقع الفعلي للحركية الاجتماعية والاقتصادية للسكان، إذ يعتمد العديد من الشباب وسكان الدواوير المعنية على مناطق قريبة من تغازوت وتمراغت وأورير وأكادير كمراكز عمل وأنشطة تجارية يومية، إلا أنهم محاصرون بحدود إدارية تجعل الوصول إلى الخدمات قريباً جغرافياً بعيداً إداريًا.
في هذا الإطار، وجه النائب البرلماني جمال ديواني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية سؤالاً كتابياً إلى وزير الداخلية، يطالب فيه بإحداث تقسيم إداري جديد يشمل دواوير أيت ناصر، إيمسكر، وتيزي إيمسكر، كحل لتجاوز الإكراهات المتراكمة، كما يستفسر عن التدابير الحكومية الرامية إلى تعزيز العدالة المجالية والتنمية المستدامة بهذه المناطق.
وأكد النائب في سؤاله على ضرورة ضمان الولوج المتكافئ إلى الخدمات الأساسية، خاصة في مجالات التعليم والصحة والنقل والإدارة، مشيراً إلى أن هذه الحقوق الدستورية تعاني جراء التقسيم الإداري الحالي الذي يزيد من معاناة السكان ويؤثر على جودة حياتهم.
ويتوحد العديد من المنتخبين المحليين حول أن إعادة النظر في التقسيم الإداري ضرورة حتمية بإقليم أكادير إداوتنان، لا سيما بالنسبة للمناطق الجبلية والنائية التي تربطها علاقات يومية واقتصادية بمراكز حضرية قريبة، لكنها محرومة من الاستفادة من خدماتها بسبب الحدود الإدارية الراهنة التي لا تراعي حاجيات السكان ولا تساهم في تحقيق العدالة المجالية المنشودة.