كنائس عشوائية وسط الأحياء السكنية بالدار البيضاء: بين الانفلات القانوني والتحديات المجتمعية

الدار البيضاء – ماي 2025
تشهد بعض الأحياء السكنية بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، الدار البيضاء، ظاهرة مثيرة للجدل تتعلق بإنشاء ما يقارب 30 كنيسة عشوائية من طرف بعض أفراد الجاليات الإفريقية جنوب الصحراء، دون الحصول على التراخيص القانونية اللازمة من السلطات المختصة. الأمر الذي أثار قلق عدد من السكان ودفع البعض إلى المطالبة بتدخل عاجل للسلطات لحماية النظام العام واحترام القانون.
ظاهرة تتوسع خارج الإطار القانوني
وفق مصادر محلية، تنتشر هذه “الكنائس غير المرخصة” في أحياء مكتظة مثل سيدي مومن، درب السلطان، عين الشق، والألفة، داخل شقق أو محلات سكنية يتم تحويلها إلى أماكن لممارسة الطقوس الدينية، في غياب أي مراقبة أو احترام لمعايير السلامة أو الضوابط التنظيمية.
ورغم أن ممارسة الشعائر الدينية مكفولة للمقيمين الأجانب في المغرب، إلا أن القانون يفرض على أي تجمع ديني رسمي الحصول على ترخيص من السلطات المحلية، خاصة إذا كان يشمل تجمعات كبيرة قد تؤثر على الأمن أو تسبب الإزعاج للسكان.
البُعد الأمني والقانوني
السلطات المحلية – حسب ما تسرب من معطيات غير رسمية – تتابع هذه الظاهرة بنوع من الحذر والتريث، تفادياً لأي توتر مجتمعي أو اتهامات بانتهاك الحريات الدينية. ومع ذلك، تؤكد مصادر أمنية أن هناك تحقيقات ميدانية جارية وأن التدخل وارد في أي لحظة بمجرد استكمال الملف القانوني.
من جهة أخرى، يشدد خبراء قانونيون على أن استغلال الملك الخاص لأغراض دينية دون إذن يدخل ضمن مخالفات قانون التعمير وتهديد النظام العام، مما يبرر تدخل السلطات، مع وجوب احترام كرامة الأشخاص المعنيين.
تحديات التعايش والاندماج
ورغم الطابع القانوني الصرف للمسألة، إلا أن هذه الظاهرة تفتح النقاش حول الاندماج المجتمعي للجاليات الإفريقية المقيمة بالمغرب، خاصة في ظل تصاعد أعداد المهاجرين من دول جنوب الصحراء خلال السنوات الأخيرة، نتيجة للتحولات الاقتصادية والجيوسياسية في المنطقة.
يشير بعض المهتمين بالشأن المحلي إلى غياب سياسة واضحة لدمج هذه الجاليات، بما في ذلك توفير فضاءات دينية رسمية مرخصة، أو مراكز ثقافية تسهم في تنظيم الأنشطة الدينية والاجتماعية بطريقة قانونية وآمنة.
دعوات لحل متوازن
عدد من جمعيات المجتمع المدني تدعو إلى إيجاد توازن بين احترام القوانين المغربية وضمان حرية المعتقد، من خلال:
- مراقبة هذه الفضاءات بشكل قانوني ومنهجي.
- تشجيع إقامة أماكن عبادة مرخصة ومؤطرة قانوناً.
- تعزيز الحوار بين السلطات وممثلي الجاليات الأجنبية لتفادي أي احتقان مجتمعي.
خلاصة
ظاهرة الكنائس العشوائية بالدار البيضاء تضع الجميع أمام مسؤولية مزدوجة: حماية الأمن المجتمعي واحترام القانون، دون التفريط في قيم التعايش والتسامح التي شكلت جزءاً من الهوية المغربية عبر التاريخ.
إن المعالجة الأمنية ضرورية، لكن لا بد أن تُواكبها رؤية مجتمعية شاملة تُراعي تحديات الهجرة والتنوع الثقافي والديني داخل النسيج الحضري المغربي.