وطنيات

في قبضة القانون.. النيابة العامة تطلق مسار المحاسبة بتوجيه ملكي

في تحرك غير مسبوق، فتحت رئاسة النيابة العامة الباب أمام تحقيقات موسعة في ملفات فساد وصفت بـ”الساخنة”، بعد أن أعطت تعليمات لجميع النيابات العامة بإحالة تقارير رقابية رسمية توصلت بها من مؤسسات عليا على أنظار الضابطة القضائية لفتح أبحاث دقيقة وشاملة. الخطوة جاءت مباشرة بعد تعيين المسؤول الجديد على رأس النيابة العامة، ما اعتُبر مؤشراً قوياً على دعم ملكي واضح لمسار المحاسبة وربط المسؤولية بالجزاء.

التحرك، الذي فاجأ الأوساط السياسية والإدارية، أنهى حالة من الجمود طالت ملفات بقيت لسنوات طي الكتمان، رغم ما تضمنته من اختلالات جسيمة على مستوى التسيير المالي والإداري، وأعاد الاعتبار لدور القضاء المستقل في تخليق الحياة العامة، بعيداً عن الحسابات السياسية والاعتبارات الحزبية الضيقة.

ويأتي هذا التحول في ظرف حساس، يتسم بتصاعد الغضب الشعبي تجاه الفساد، وبروز مطالب ملحة من المجتمع المدني لتفعيل المحاسبة وإنهاء منطق الإفلات من العقاب. وقد سارعت بعض الهيئات إلى الترحيب بالخطوة، معتبرة أنها تشكل لحظة مفصلية في مسار بناء دولة الحق والقانون، ومقدمة لإعادة الثقة في المؤسسات.

في المقابل، أثار التحرك القضائي تساؤلات قانونية حول الأساس الذي تم عليه فتح هذه التحقيقات، خاصة في ظل غياب إحالات مباشرة من الجهات المختصة، وهو ما يطرح الحاجة إلى تنسيق مؤسساتي أكثر وضوحاً بين هيئات الرقابة المالية والسلطة القضائية لضمان سلامة المساطر القانونية.

لكن، ورغم هذه التحديات، يرى فاعلون حقوقيون أن التحرك يمثل انتصاراً لإرادة الإصلاح، ويؤكد أن زمن الصمت والتردد قد ولّى، وأن الجهات القضائية عازمة على إعادة الاعتبار لمبدأ “لا أحد فوق القانون”، في انسجام تام مع التوجيهات العليا التي تؤكد على تخليق الحياة العامة وتعزيز شفافية التدبير العمومي.

ومع توالي الاستدعاءات وفتح ملفات جديدة، تبدو الأيام القادمة حبلى بمفاجآت، قد تُفضي إلى تغييرات كبيرة في المشهد السياسي والإداري، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، وترقّب الرأي العام لما ستُسفر عنه هذه التحقيقات في مواجهة من استفادوا طويلاً من مناخ الإفلات من العقاب.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button