Uncategorized

سياسة الموانئ في المغرب: ركيزة سيادية لصناعة القوة الاقتصادية في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله


بقلم: نجيب الأضادي – باحث ومدون

منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة سنة 1999، لم تكن مقاربة المغرب للتنمية الاقتصادية مجرد طموح تقليدي، بل رؤية استراتيجية محكمة، تتأسس على ركيزتين أساسيتين: التموقع الجيوستراتيجي والاستثمار الذكي في البنيات التحتية السيادية. ولعل أبرز تجليات هذه الرؤية الملكية المتبصرة تتجلى في سياسة الموانئ الكبرى التي تحوّلت، خلال 26 سنة من حكمه الرشيد، إلى أدوات سيادية لإعادة رسم خريطة المغرب التجارية والاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

لقد أرسى المغرب نموذجًا فريدًا في القارة الإفريقية والعالم العربي، من خلال إطلاق وتطوير موانئ كبرى بمواصفات عالمية، على رأسها ميناء طنجة المتوسط، الذي لم يعد مجرد منصة لوجستيكية عادية، بل صار بوابة إفريقيا نحو أوروبا، ومركز عبور دولي يتصدر التصنيفات المتوسطية في الشحن والتفريغ.

ثم جاء ميناء آسفي المعدني لدعم التحولات الصناعية والطاقية، وميناء الداخلة الأطلسي لترسيخ الحضور المغربي في العمق الإفريقي وجعل الصحراء المغربية قاعدة خلفية للتنمية والتكامل الإقليمي.

وها هو الدور اليوم على ميناء الناظور غرب المتوسط، المشروع العملاق الذي سيُفتتح قريبًا ليشكل حلقة جديدة في سلسلة الصروح السيادية التي تؤكد أن المغرب لم يعد بلدًا على الهامش، بل فاعلًا مركزيًا في الاقتصاد البحري العالمي.

ميناء الناظور، بموقعه الاستراتيجي وقربه من الأسواق الأوروبية وخطوط الملاحة الدولية، سيكون محورًا تجاريًا وطاقيًا بالغ الأهمية، خاصة مع إعلانه كمركز لاستقبال الغاز الطبيعي المسال، ما يمنحه أبعادًا استراتيجية في خريطة الطاقة العالمية.

إن سياسة الموانئ التي رسّخها جلالة الملك محمد السادس ليست مجرد مشاريع بنى تحتية، بل هي عقيدة اقتصادية جديدة، تؤمن بأن التنمية لا تُبنى فقط بالموارد، بل بالعقل الاستراتيجي والرؤية الملكية الثاقبة التي جعلت من البحر رافعة للتنمية، ومن المغرب لاعبًا أساسيًا في معادلة الشحن العالمي والربط القاري.

وبينما تسعى بعض الدول المجاورة جاهدة لمجاراة هذه الطفرة، نجدها تختنق أمام غياب رؤية واضحة أو إرادة سيادية حقيقية، لتبقى المملكة المغربية ماضية بثقة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة، نحو التموقع بين الدول التجارية العظمى في العالم.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button