ردا على ادعاءات و مغالطات الفئة الضالة حول شرعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
كلما اقترب عيد المولد النبوي الشريف، إلا و تطل علينا ابواق بعض المتفيقهين و المشككين الناس في عقيدتهم و محاولين زعزعت أيمانهم بكل الوسائل متاحة، فإن ما تم تداوله في المنشور المذكور على صفحات التواصل الإجتماعي فإن ما تم تداوله في المنشور المذكور حول الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يحتوي على مغالطات عديدة، وافتراءات على عقيدة المسلمين، وتشويها لتراثهم وهويتهم، وهو جزء من حملة ممنهجة تهدف إلى زعزعة ثقة المسلم في دينه وتراثه، وقطع صلته بتاريخه وجذوره.
أولا: الرد على المغالطات العقدية والتاريخية:
- اتهام الاحتفال بالمولد النبوي بالبدعة الضالة: الابتداع في الدين هو إدخال ما ليس منه في أصول العقيدة وأحكام العبادة التوقيفية. أما الاحتفال بالمولد النبوي فهو من باب الفضائل والمندوبات والأمور العادية التي تدخل تحت القاعدة الشرعية “الأصل في العادات الإباحة“. وهو تعبير عن الفرح والحب لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وهو حب يمليه الإيمان. وقد استنبط علماء الأمة الكبار مثل الحافظ ابن حجر العسقلاني والحافظ السيوطي مشروعيته من فعل النبي صلى الله عليه وسلم نفسه عندما سُئل عن صوم يوم الاثنين فقال: “ذاك يوم ولدت فيه” (رواه مسلم). فهذا يشير إلى اعتبار الشرع لوقت مولده وتعظيمه.
- اتهامه بالتشبه بالنصارى: القول بأن الاحتفال بالمولد تقليد للنصارى قول باطل لا دليل عليه. فالفرح بالنبي صلى الله عليه وسلم والتعبير عن محبته شعور فطري في قلب كل مسلم. أليس الفرح بمقدمه ومنقذ البشرية أولى من الفرح بشخص عادي؟ كما أن شكل الاحتفال الإسلامي (ذكر، صلاة على النبي، إنشاد مدائح، إطعام طعام) يختلف جذريًا في جوهره وشكله عن الطقوس النصرانية. فالاتفاق في فكرة “الاحتفال بالمناسبة” لا يعني التشبه، وإلا لكان كل عيد أو فرح تشبها بالآخرين.
- ادعاء اكتمال الدين ونفي الاحتفال: اكتمال الدين لا يعني جموده وعدم ممارسة أي فعل لم يفعله الصحابة. فهم لم يجمعوا القرآن في مصحف واحد، ولم يبنوا المدارس والجامعات، ولم يؤلفوا كتب الفقه والأصول، كل هذه أمور مستحدثة لكنها مصالح مرسلة ووسائل لتحقيق مقاصد الشرع. والاحتفال بالمولد من هذا الباب، فهو وسيلة لتجديد محبة النبي صلى الله عليه وسلم في القلوب، وتعليم الناس سيرته، وشكر الله على نعمة إرساله.
ثانيا: الرد على التشويه الثقافي والهجمات على الهوية:
- الحملة على التراث والهوية: اتهام الاحتفالات الوطنية والدينية، التي هي جزء من هوية الشعب المغربي والعالم الإسلامي منذ قرون، بأنها “طقوس دخيلة” هو محاولة واضحة لتجريد الأمة من ذاكرتها وتاريخها وخصوصيتها. فالمغاربة، كغيرهم من المسلمين، تمسكوا بهذه المناسبة كرمز من رموز هويتهم الإسلامية التي توارثوها أبًا عن جد. وهي تعبير عن الانتماء والاعتزاز بالانتماء إلى أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- الفرق بين التوحيد والعادات: خلط المنشور بين أصول العقيدة الثابتة (التي يجب المحافظة على نقائها) وبين العادات والتقاليد والتراث الثقافي الذي يتسع للاختلاف والاجتهاد. فالمساجد هي بيوت الله، وهي أيضًا مراكز إشعاع للثقافة الإسلامية الأصيلة، والإنشاد والمديح الذي يخلو من المنكرات هو من الأمور التي يعتادها الناس في أفراحهم الدينية.
- التحذير من التفرقة: هذه الخطابات التكفيرية والتبديعية التي تطعن في إيمان وعقيدة ملايين المسلمين المحبين لنبيهم، هي التي تسبب التفرقة والتمزق في صف الأمة، وتشكك الناس في علمائهم الأجلاء الذين أقرّوا هذه الممارسات عبر العصور.
خاتمة وتوصية:
لا يجوز لمسلم أن ينكر فضل النبي صلى الله عليه وسلم أو يحد من تعظيمه ومحبته. والاحتفال بمولده الشريف من أعظم مظاهر هذه المحبة، وهو أمر استحسنه جمهور علماء الأمة عبر التاريخ، وهو جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية والدينية للشعوب الإسلامية.
ننصح إخواننا المسلمين في كل مكان، بعدم الانجرار وراء هذه الخطابات المتشددة التي تريد أن تسلبهم فرحتهم بدينهم ونبيهم، وأن يحذروا من مصادرها، وأن يثقوا في تراثهم وعلمائهم. ونسأل الله أن يحفظ على الأمة دينها وهويتها، وأن يجمع كلمتها على الخير والمحبة و الايخاء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.