خلافات حادة بين نقابات الصيادلة في المغرب حول مرسوم تحديد أثمنة الأدوية وسط انتقادات لغياب الحوار التشاركي

يستمر الجدل بين الصيادلة المغاربة حول مشروع مرسوم تحديد أثمنة الدواء، حيث تتصاعد الخلافات بين النقابات وسط اتهامات متبادلة بغياب التمثيلية وغياب المقاربة التشاركية من قبل وزارة الصحة. وأبدت كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب استياءها من الصيغة الحالية للمرسوم، معتبرة أنه يهدد التوازنات الاقتصادية لصيدليات القرب والأمن الدوائي الوطني. وحذرت الكونفدرالية من اتخاذ خطوات تصعيدية قد تصل إلى الإضراب الوطني، بسبب ما وصفته بعدم إشراك المهنيين في صياغة المشروع.
وفي المقابل، أصدرت النقابة الوطنية لصيادلة المغرب بياناً تعبر فيه عن استغرابها للإعلان عن أي تصعيد، معتبرة أن ذلك لا يحظى بالإجماع النقابي، ومؤكدة على استمرار الحوار البنّاء مع الوزارة. وانتقد محمد لحبابي، رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، موقف النقابة الوطنية، مشيراً إلى أن الأخيرة تفتقر إلى تمثيلية حقيقية ولم تعقد اجتماعات تنظيمية لتشكيل مكتب منتخب. وأوضح أن الكونفدرالية لم تعلن عن موعد إضراب رسمي، بل لوحت به احتجاجاً على غياب مشاركة الوزارة بشكل فعلي في النقاش.
وأشار لحبابي إلى أن الكونفدرالية لا تعارض تخفيض أثمنة الأدوية، لكنها تطالب بسياسات عامة تراعي الواقع، وتعمل على ترشيد نفقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مشيراً إلى أن 150 دواء من أصل 5400 يستنزفون أكثر من نصف ميزانية التعويضات. وأوضح أن تخفيض أسعار الأدوية الرخيصة قد يؤدي إلى اضطراب في التزويد وانقطاعات تهدد الأمن الدوائي، مما قد يعيد سيناريو نقص الأدوية الذي حدث في 2013.
من جهته، رد عبد الرزاق المنفلوطي، رئيس النقابة الوطنية لصيادلة المغرب، على الانتقادات، مؤكداً أن نقابته تملك التمثيلية الشرعية وتتابع الملف الوطني للمشروع عن كثب. ونفى قدرة الكونفدرالية على تنفيذ إضراب، مشيراً إلى أن المشروع هو جزء من إصلاح شامل في قطاع الصحة يهدف إلى توفير أدوية بأسعار معقولة للمواطنين. وأكد أن الدفاع عن حق المواطن في الدواء لا يتعارض مع ضمان كرامة الصيدلي واستقرار المهنة، داعياً إلى حوار مسؤول مع الوزارة لضمان مصالح الجميع.
يظهر هذا الخلاف بين النقابات الصيدلية في المغرب أزمة ثقة داخل القطاع، ويعكس تحديات تواجه مهنيي الصيدلة في مواجهة تغيرات تشريعية تؤثر على توازنات القطاع، مما يتطلب حواراً أكثر شفافية ومشاركة لضمان استقرار المهنة وسلامة المرضى في آن واحد.