جهة سوس ماسة: ارتفاع حالات إفلاس المقاولات يقابله نمو اقتصادي مدعوم بقطاع التجارة والمقاولات الكبرى

تشهد جهة سوس ماسة تطورات متباينة على مستوى النسيج الاقتصادي، حيث سجلت في الفترة الممتدة بين 2022 و2023 ارتفاعًا ملحوظًا في عدد المقاولات المفلسة، بلغ حوالي 660 حالة سنويًا، مقابل 400 حالة قبل جائحة كوفيد-19، وذلك وفقًا لبيانات المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية.
غير أن هذه التحديات لم تمنع الجهة من تحقيق مؤشرات إيجابية على مستوى الناتج الاقتصادي، حيث كشف المرصد المغربي للمقاولات الصغرى والمتوسطة عن بلوغ رقم المعاملات بالجهة نحو 123 مليار درهم، بينما تجاوزت القيمة المضافة 21,7 مليار درهم، بنسب نمو قدرت بـ 8,8% و15,1% على التوالي مقارنة بسنة 2022.
التجارة والمقاولات الكبرى تقود النمو
ويمثل قطاع التجارة المحرك الرئيسي لهذا النمو، حيث يساهم بنحو نصف رقم المعاملات والقيمة المضافة بالجهة. كما أن المقاولات الكبرى كان لها دور حاسم، إذ ساهمت بأكثر من 50% من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية المسجلة.
التوزيع الجغرافي للمقاولات والوظائف
وسجلت أقاليم تارودانت واشتوكة آيت باها نموًا في عدد المقاولات المحدثة، بينما عرفت عمالة أكادير-إداوتنان تطورًا كبيرًا في رقم المعاملات والقيمة المضافة. أما إقليم اشتوكة آيت باها فقد تميز بخلق فرص شغل جديدة تعزز الدينامية الاقتصادية المحلية.
وتُظهر البيانات أن حوالي ثلاثة أرباع المقاولات النشيطة ذات الصفة المعنوية متمركزة في أكادير-إداوتنان وإنزكان-آيت ملول، حيث تنتج هذه المناطق أكثر من 92% من رقم المعاملات والقيمة المضافة الجهوية.
ريادة الأعمال النسائية وتمويل المقاولات
ورغم التطور الحاصل، لا تزال ريادة الأعمال النسائية دون المستوى المطلوب، حيث لا تمثل المقاولات النسائية سوى 12,2% من إجمالي المقاولات بالجهة، وهي نسبة تقل عن المعدل الوطني. كما أن نسبة التمويلات البنكية الموجهة للمقاولات النسائية تبقى محدودة، رغم تمركز التمويل البنكي في أكادير-إداوتنان التي تستحوذ على أكثر من نصف القروض الممنوحة للمقاولات بالجهة.
تصريح خبير اقتصادي:
وفي هذا السياق، قال الدكتور كمال الإدريسي، الخبير في الاقتصاد الجهوي، في تصريح خص به وسائل الإعلام:
“تشير هذه الأرقام إلى مفارقة واضحة: فبينما يعاني النسيج المقاولاتي من هشاشة على مستوى التأسيس والاستدامة، تحقق الجهة مؤشرات نمو قوية مدفوعة بالمقاولات الكبرى وقطاع التجارة. وهذا يتطلب إعادة توجيه السياسات العمومية لدعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل ولوجها إلى التمويل، مع التركيز على المقاولة النسائية والمجالات القروية.”
وأضاف أن “التحول الاقتصادي الذي تعرفه جهة سوس ماسة يجب أن يواكبه استثمار في التكوين، واللوجستيك، وتعزيز قدرات حاملي المشاريع، من أجل خلق توازن بين النمو الكلي وعدد المقاولات التي تستفيد منه فعليًا.”