المغرب، مهد البشرية وأصل الإنسان العاقل
في تحول دراماتيكي لفهم البشرية عن أصل الإنسان العاقل، جاء الاكتشاف المذهل في جبل إيغود بالمملكة المغربية ليقلب المفاهيم العلمية السائدة رأسًا على عقب. فقد كشفت الحفريات التي أجراها فريق من العلماء الدوليين سنة 2017 عن أقدم بقايا معروفة للإنسان العاقل (Homo sapiens sapiens)، والتي تعود إلى ما يقارب 300 ألف سنة، وفقًا لتقديرات التأريخ الحديثة.
اكتشاف غيّر كتب التاريخ
كانت الفرضيات السابقة ترجح أن الإنسان العاقل ظهر في شرق إفريقيا قبل نحو 200 ألف سنة. غير أن اكتشاف جبل إيغود، الواقع على بعد حوالي 100 كيلومتر شمال غرب مدينة مراكش، جاء ليضع المغرب في قلب الحكاية الإنسانية، باعتباره أقدم موقع معروف لظهور الإنسان العاقل في العالم.
ويُظهر الموقع بقايا جماجم وفكوك وأسنان وأدوات حجرية دقيقة الصنع، تعود لأشخاص يشبهون إلى حد كبير الإنسان الحديث في البنية الجسدية، ما يفتح آفاقًا جديدة حول انتشار وتطور الإنسان العاقل في شمال إفريقيا، بعكس الاعتقاد القديم الذي ركز على منطقة القرن الإفريقي وحدها.
المغرب.. أصل كل البشر؟
لا يبالغ الباحثون حين يشيرون إلى أن هذا الاكتشاف يضع المغرب في موقع مركزي في قصة تطور الإنسان. فـ”جبل إيغود” لم يكن مجرد موقع أثري، بل شاهد صامت على بداية قصة الإنسان الحديث، بكل ما تحمله من رمزية بيولوجية، حضارية، وإنسانية.
وصرّح أحد العلماء المشاركين في الدراسة، الدكتور جان جاك أوبلي، بأن “هذا الاكتشاف يدل على أن جذور جنسنا أعمق وأوسع جغرافيًا مما كنا نعتقد”. وبمعنى آخر: الإنسان العاقل لم يولد فقط في إفريقيا، بل ولد في المغرب تحديدا.
فخر مغربي.. ورسالة للعالم
يشكل هذا الاكتشاف مصدر فخر واعتزاز لكل المغاربة، ويمنح المغرب بعدًا حضاريًا وإنسانيًا جديدًا. فأن تكون أرض المغرب هي مهد أولى خطوات الإنسان الحديث، يعني أن هذه الأرض لم تكن فقط موطن حضارات عريقة مثل الأمازيغ والفينيقيين، بل كانت منبع الوجود البشري برمته.
كما يرسل هذا الحدث العلمي رسالة عالمية: بأن الإنسانية تبدأ من هنا، من أرض المغرب، وأن أصول البشر تعود إلى نقطة التقاء الجغرافيا بالتاريخ، والثقافة بالجينات، في جبل صغير يحمل بين صخوره أصداء الماضي وأسرار النشأة الأولى.
خاتمة: في زمن تتسارع فيه الاكتشافات ويُعاد فيه رسم خرائط التاريخ، يبقى المغرب ثابتًا على أرض الحقيقة العلمية: المغرب ليس فقط بوابة إفريقيا، بل هو بوابة الإنسانية ذاتها.
