
في تطور لافت على صعيد الاستثمارات الدولية بالمغرب، أعلنت مجموعة Tesla Inc. الأمريكية عن تأسيس أول فرع رسمي لها في المملكة تحت اسم “Tesla Maroc”، في خطوة تعزز مكانة المغرب كمركز إقليمي صاعد في مجال الطاقات النظيفة والتكنولوجيا الخضراء.
وقد وقع الاختيار على برج كريستال بمشروع مارينا الدار البيضاء ليكون المقر الرسمي لفرع الشركة، حيث تم تسجيل الشركة بشكل قانوني يوم 27 ماي 2025، برأسمال يبلغ 27.5 مليون درهم، وفقًا لوثائق التسجيل الصادرة عن السلطات المغربية.
نشاط الشركة: سيارات كهربائية وصيانة عالية الجودة
سيُعنى فرع “تيسلا المغرب” باستيراد وتوزيع وبيع السيارات الكهربائية، إضافة إلى تقديم خدمات الصيانة والإصلاح الخاصة بها، مما يشير إلى استعداد السوق المغربي لتبني نموذج النقل النظيف، في انسجام مع السياسات البيئية التي تتبناها المملكة.
وقد أوكلت الشركة مسؤولية إدارة الفرع الجديد إلى كل من الإسباني رافائيل أركويزا مارتن والأمريكي شاهين أوليفر خورشيدباناه، ما يعكس الطابع الدولي للخطوة، وتكاملها ضمن شبكة توسع عالمي ممنهجة.
ماسك والنفق البحري.. رؤية عابرة للقارات
من جهة أخرى، أثار تقرير نشرته صحيفة Eleconomista الإسبانية جدلاً واسعًا بعد كشفه عن اهتمام إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا ومؤسس شركة “ذا بورينغ كومباني”، بمشروع النفق البحري الذي طال الحديث عنه لربط المغرب بإسبانيا عبر مضيق جبل طارق.
ويرتبط هذا الاهتمام بمشروع سابق أعلن عنه ماسك في دبي، يُعرف باسم “Dubai Loop”، والذي يعتمد على شبكة أنفاق متطورة يتم من خلالها نقل الركاب عبر كبسولات تيسلا ذاتية القيادة بسرعة تصل إلى 160 كلم/ساعة. وقد رُبطت فكرة هذا المشروع الطموح بإمكانية نقله إلى مناطق أخرى، منها المسار البحري بين طنجة والجزيرة الخضراء.
الصحيفة الإسبانية أشارت إلى أن هذا الربط يمكن أن يشكّل امتدادًا لمشاريع النقل المستدام التي يقودها ماسك، وربما يُوظف في المستقبل لنقل البضائع أو حتى المسافرين في إطار تكامل لوجستي بين إفريقيا وأوروبا.
المغرب: بوابة تكنولوجية واقتصادية واعدة
الاهتمام المتزايد من طرف الشركات العالمية بالمغرب، وتحديدًا في مجالات المستقبل كالطاقة والذكاء الصناعي والنقل المستدام، لم يأت من فراغ. فالمملكة تسير بخطى متسارعة في تطوير بنيتها التحتية، وإطلاق مشاريع كبرى مثل ميناء الناظور غرب المتوسط وخطوط القطار الفائق السرعة، فضلًا عن الاستثمارات في الهيدروجين الأخضر والسيارات الكهربائية.
ويُتوقع أن يشكل دخول “تيسلا” إلى السوق المغربي، نقلة نوعية على مستوى توسيع قاعدة المستهلكين لهذه التكنولوجيا، وخلق منافسة جديدة قد تُجبر الفاعلين التقليديين على تحديث عروضهم ومنتجاتهم بما يتناسب مع المعايير البيئية والتقنية الحديثة.
رؤية مستقبلية تجمع القارات
في ظل تسارع التحولات العالمية، يلوح المغرب في الأفق كأرضية مثالية للربط بين أوروبا وإفريقيا، ليس فقط جغرافيًا، بل أيضًا من حيث قدرته على احتضان التكنولوجيا المتقدمة والمشاريع الاستراتيجية الكبرى.
فهل يكون افتتاح فرع “تيسلا المغرب” مجرد بداية لمخطط أكبر يقوده إيلون ماسك من أجل إعادة تشكيل طرق النقل والبنية التحتية بالمنطقة؟
الجواب سيتضح قريبًا، لكن الواضح أن المغرب لم يعد على هامش المعادلات الاقتصادية الكبرى، بل بات فاعلًا رئيسيًا ضمنها.