شهد المشهد الإعلامي المغربي، يوم الجمعة 21 نونبر، حالة جدل واسعة عقب تسريب تسجيل صوتي لاجتماع داخلي للجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية التابعة للجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، وهو التسريب الذي اعتبرته النقابة الوطنية للصحافة المغربية “خطيرًا” ويهدد استقلالية المؤسسات الإعلامية والتنظيم الذاتي للمهنة.
■ النقابة: محتوى “حاط بالكرامة” ويشكّل مساسًا بسمعة التنظيم الذاتي
النقابة الوطنية للصحافة المغربية قالت في بلاغ رسمي إنها اطّلعت على التسجيل الذي جرى تداوله ليلة 20 نونبر، مؤكدة أن بعض ما ورد فيه من “لغة وأسلوب مهينين للكرامة الإنسانية” صادر عن أعضاء داخل اللجنة، ويكشف – وفق تعبيرها – عن “استهتار بمؤسسة التنظيم الذاتي كمكسب تاريخي تحقق بنضالات الصحافيين”.
وشددت النقابة على أن المداولات المسربة تمسّ استقلالية القطاع، وتظهر مؤشرات “خطيرة” على محاولات توريط المؤسسة القضائية في ملفات تخص عدداً من الصحافيين، مطالبة بفتح تحقيق عاجل ومحايد لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية والتنظيمية.
كما دافعت النقابة عن الصحافي محمد الطالبي، الذي اعتبرت أن التسجيل تضمّن استهدافًا لكرامته، مؤكدة استعدادها لسلك جميع المساطر القانونية لحماية حقوق الصحافيين.
وأضاف البلاغ أن اللجنة المؤقتة “انتهت ولايتها القانونية ولا يحق لها الاستمرار في تدبير القطاع”، داعية الحكومة إلى التدخل لإنهاء هذا الوضع الذي اعتبرته “غير قانوني”.
■ اللجنة المؤقتة: ما قام به المهدوي “تشهير وعمل غير قانوني”
في المقابل، ردّت اللجنة المؤقتة ببلاغ مضاد، أعلنت فيه أنها ستلجأ إلى القضاء ضد الصحافي حميد المهدوي، الذي نشر المقاطع المسربة، معتبرة أن ما قام به “عمل غير قانوني يندرج ضمن التشهير ونشر وقائع محاطة بالسرية”.
وأكدت اللجنة أن المداولات الداخلية للمجلس تخضع للقانون والنظام الداخلي، وأن تصوير الاجتماعات أو نشر صور المشاركين فيها دون إذن صريح “مخالفة صريحة للقانون”.
كما شددت اللجنة على أن بعض التصريحات المنسوبة لرئيس لجنة الأخلاقيات “مفبركة ومحرفة”، معتبرة أن محاولة تصوير الاجتماع كـ“مؤامرة” ليس إلا محاولة لعرقلة ما وصفته بـ“مساءلة أخلاقية ضرورية”.
■ أزمة متصاعدة… وقطاع مهني تحت الضغط
يظهر من خلال تبادل البلاغات أن حالة التوتر بين النقابة واللجنة المؤقتة بلغت مستوى غير مسبوق، في ظل تبادل الاتهامات حول خروقات قانونية ومساس بأخلاقيات المهنة.
ويرى متتبعون أن هذه الأزمة تعكس عمق الإشكالات التي يواجهها قطاع الصحافة في المغرب، خاصة ما يتعلق بالثقة في آليات التنظيم الذاتي، واستقلالية المؤسسات المكلفة بحماية أخلاقيات المهنة وضمان حقوق المهنيين.
ومع ورود دعوات لتحقيق مستقل، وإعلان اللجنة المؤقتة التوجه نحو القضاء، يبدو أن هذا الملف مرشّح لمزيد من التطورات خلال الأيام المقبلة، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات والإجراءات القانونية.
