توازن استراتيجي بين الطاقات المتجددة والتنقيب عن النفط في السياسة الطاقية للمغرب

في ظل التحول الطاقي الذي يشهده المغرب، والذي يتميز بسباق متسارع نحو الطاقات المتجددة، يواصل المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن (ONHYM) العمل على جبهة موازية لا تقل أهمية، تتمثل في تعزيز آليات التنقيب عن النفط والغاز سواء في البحر (offshore) أو في اليابسة (onshore).
وفي خطوة جديدة تؤكد هذا التوجه، أطلق المكتب عملية استشارة تقنية متخصصة تهدف إلى تقييم شامل ودقيق للمشاريع المتعلقة باستكشاف الثروات الباطنية، بغية تحديث منهجيات العمل واعتماد مقاربات أكثر نجاعة، تستند إلى المعايير الدولية المعتمدة في الصناعة النفطية.
العملية التي خصص لها غلاف مالي يناهز 2,5 مليون درهم، تروم الوقوف على مدى نجاعة الدراسات والتقارير المنجزة داخل المكتب، وتقديم توصيات عملية من شأنها إعادة توجيه الجهود نحو مناطق واعدة تستحق أولوية في برامج التنقيب المستقبلية.
وبحسب معطيات رسمية، ستشمل هذه الخبرة مراجعة مختلف المشاريع التي تم تنفيذها داخل ONHYM، دون أن تشمل الأعمال التي قامت بها الشركات الشريكة، حيث ستركز على التحليل الجيولوجي والتقني للمسوحات السابقة، إلى جانب دعم الفرق الجيو-علمية في تحديد المسارات الأمثل للاستكشاف.
وفي الوقت الذي يراهن فيه المغرب على رفع حصة الطاقات المتجددة إلى 56% من المزيج الطاقي الوطني في أفق 2027، يبدو أن خيار استغلال الإمكانات الهيدروكربورية للبلاد لا يزال قائمًا، ضمن رؤية متوازنة تراعي الأمن الطاقي الوطني وتنوع مصادره.
وتُشير بيانات المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن إلى أن عدد الشركات العاملة في مجال البحث عن النفط والغاز بلغ 13 شركة مع نهاية 2024، تشتغل على مساحة تفوق 233 ألف كيلومتر مربع، موزعة على 19 رخصة برية، و34 رخصة بحرية، بالإضافة إلى 10 امتيازات استغلال.
وشهد عام 2024 حفر ثلاثة آبار استكشافية في مناطق برية، وآبار أخرى في الساحل الأطلسي، في إطار شراكات تموّل في معظمها من قبل القطاع الخاص بنسبة تجاوزت 96% من الاستثمارات، التي بلغت أكثر من مليار درهم.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة الجديدة نحو تحديث الرؤية الجيولوجية والرفع من جودة أدوات التحليل، تعكس رغبة المغرب في الاستفادة القصوى من موارده الطبيعية، مع الحرص على ضمان التكامل بين الطاقات الأحفورية والبديلة، بما يعزز مكانته كقطب إقليمي للطاقة الآمنة والمستدامة.