شهدت مدينة طنجة حادثة غريبة أثارت استغراب الرأي العام المحلي، بعد أن حاول رجل متورط في قضايا سابقة انتحال صفة امرأة من أجل الحصول على بطاقة تعريف وطنية مزورة، مستعينًا بوسائل تمويهية كالباروكة والشال، بل وحتى رضيع بين ذراعيه لإضفاء المصداقية على هويته المفترضة.
المعني بالأمر توجه إلى قسم قضاء الأسرة بطنجة مدعياً أنه امرأة تُدعى “ف.م”، تعيش وضعية اجتماعية خاصة، وتقدّم بدعوى رسمية لتسجيل طفل “لقيط” في دفتر الحالة المدنية، زاعماً أن الطفل تربى في أسرة بديلة منذ ولادته، وأنه حُرم من الوثائق الثبوتية بسبب ظروف غامضة أحاطت بميلاده ونسبه. ادعى أنه لا يتوفر على رسم ولادة أو بطاقة تعريف وطنية، وطلب تمكينه من وثائق قانونية تمكنه من الاندماج في المجتمع و”الاعتناء بابنه”.
التمويه العاطفي الذي اعتمده المتهم، حيث ظهر بمظهر امرأة محجبة تحت شال تقليدي ويحمل بين ذراعيه رضيعًا صغيرًا، دفع نائبة وكيل الملك إلى التعامل مع الطلب بكامل الجدية، خاصة في ظل التعاطف مع ما بدا أنه وضع اجتماعي هش. وقد أحالت الملف على الشرطة القضائية من أجل تسهيل المسطرة واستكمال الإجراءات القانونية.
غير أن الفحص البيومتري الذي خضع له في مركز الشرطة، سرعان ما كشف المفاجأة الصادمة: المعنية بالأمر ما هي إلا رجل في الأربعينات من عمره، معروف لدى المصالح الأمنية، وله سوابق عدلية في قضايا تتعلق بالتزوير والنصب والاحتيال، وقد استغل هذه الحيلة للهروب من المتابعة القضائية وتكوين هوية جديدة.
المصالح الأمنية أوقفت المتهم فور انكشاف الحقيقة، وتم الاستماع إليه في محضر رسمي، قبل إحالته على النيابة العامة لمتابعته بتهم تتعلق بالتزوير في محررات رسمية، وانتحال صفة، ومحاولة تضليل العدالة. وقد تم حجز الملابس والباروكة المستعملة في عملية التنكر، في حين تم فتح تحقيق إضافي للتأكد من هوية الرضيع الذي استعان به المتهم في خطته.
الحادثة تسلط الضوء على يقظة الأجهزة الأمنية، وأهمية النظام البيومتري في كشف محاولات التزوير المتقدمة، كما تبرز مدى تعقيد بعض القضايا التي تستغل التعاطف الاجتماعي وسياقات الهشاشة للقيام بأفعال إجرامية قد تنطلي في ظروف عادية على الإدارات والمؤسسات الرسمية.
