Uncategorized

تقبيل الأيادي في التصوف: بين التوقير الشرعي والروحانية الصوفية – زيارة الشيخ مولاي رزقي كمال أنموذجًا”


مقدمة:
في عالمٍ تزدحم فيه الماديات وتغيب فيه القيم الروحية، تظل الممارسات الصوفية التي تجسد التوقير والمحبة نافذةً تُذكر البشر بأهمية الارتباط بالله ورسوله ﷺ عبر سند روحي متصل. مؤخرًا، أثار مقطع مصوّر لزيارة الشيخ الصوفي مولاي رزقي كمال الشرقاوي القادري، مجدد الطريقة القادرية الرازقية، جدلًا حول تقبيل الأيادي بينه وبين مريديه. المشهد الذي قد يبدو للبعض مجرد طقسٍ شكلي، يحمل في جوهره أبعادًا شرعية وسلوكية تستحق الوقوف عندها.


الجذور الشرعية والتاريخية:
تقبيل اليد كعلامة للتوقير ليس بدعةً مستحدثة، بل له أصلٌ في السنة النبوية وسيرة الصحابة. فقد روى الإمام الترمذي أن الصحابة كانوا يقبلون يد النبي ﷺ، بل ويتبركون بآثاره. الإمام النووي ذكر في “الأذكار” جواز تقبيل يد العالم أو الصالح إذا قُصد به التبرك والتوقير، لا الخضوع الأعمى. هذا الفعل يعكس امتدادًا لثقافة إكرام “أهل الله” الذين يحملون مشعل العلم والنور المحمدي، كما يقول ابن عطاء الله السكندري: “مَن لم يوقر الشيخ، لم ينفعه الله به”.


المشهد الصوفي: تواضع الشيخ وتبادل المحبة:
المقطع الذي انتشر يظهر الشيخ مولاي رزقي وهو يبادل مريديه وأساتذة العلوم الشرعية تقبيل الأيدي والقبلات، لكن اللافت هو تواضعه في رد الفعل. الشيخ، الذي يُوصف بـ”خادم السر المحمدي”، لا يقبل أن يُرفع فوق مكانته البشرية، فيمنع البعض من تقبيل يده إلا إذا قابَلهم بنفس الحرارة العاطفية. هذا السلوك يُجسد فلسفة التصوف الأصيل: العلاقة بين الشيخ والمريد ليست علاقة سلطة، بل هي “صحبةُ محبةٍ” تُذكّر بقوله ﷺ: “المؤمن مرآة أخيه”.


السياق الروحي vs النقد الاجتماعي:
في عصر تتهم فيه الممارسات الصوفية أحيانًا بـ”الخرقانية”، يبرز سؤال: أين الحد الفاصل بين التوقير الشرعي والغلو؟ الشيخ رزقي يقدم إجابة عملية: التقبيل هنا ليس عبادةً للشخص، بل اعترافٌ بفضله كحلقة في سلسلة نقل العلم والتربية. كما أن المنهج القادري الرازقي يركز على “التزكية القلبية” قبل الطقوس، وهو ما يؤكده قول الشيخ: “اليد التي تُقبل هي يد النبي ﷺ التي ننتمي إليها، لا أجسادنا الفانية”.


رأي العلماء المعاصرين:
في اتصال مع الدكتور عبد الله المغربي، الأستاذ في الدراسات الإسلامية، علق قائلًا: “المسألة خلافية فقهيًا، لكنها مندرجة تحت قاعدة العرف والعادة إذا خلت من المنكرات. الأهم هو النية: هل الفعل يُعزز التربية الإيمانية أم يُفرغ الدين من مضمونه؟”. بينما تحذر الدكتورة سمر الشرقاوي، المتخصصة في الفكر الصوفي، من “اختزال التصوف في المظاهر دون الجوهر”، مشيدةً بنموذج الشيخ رزقي الذي يجمع بين الأدب الظاهري والعمق الباطني.


خاتمة: عودة إلى الجوهر:
المشهد الذي التقطه المقطع ليس طقسًا جامدًا، بل هو لحظة “تذكير” بميراث روحي يربط الماضي بالحاضر. كما يقول جلال الدين الرومي: “كل قبلةٍ لليد هي قبلةٌ للحقيقة التي يمثلها الشيخ”. في زمن القلوب المغلقة، ربما نحتاج إلى إعادة اكتشاف لغة التوقير هذه، لكن بشرط أن تبقى نابعةً من فهمٍ متزنٍ، لا من تقليد أعمى.

ختامًا: دعوةٌ للمشاهدين لتأمل الفيديو ليس كمجرد “كليشيه” صوفي، بل كنافذةٍ على عالم التربية الروحية التي تُعيد بناء الإنسان من الداخل.


رابط الفيديو: مشهد الزيارة الروحية

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button