في خطوة تعكس تنوع الثقافات والأديان داخل صفوف القوات المسلحة، أقرت وزارة الدفاع الكورية في عام 2021 نظامًا لتوفير وجبات حلال للجنود المسلمين، بعد ملاحظة امتناع عدد متزايد منهم عن تناول لحم الخنزير. هذا القرار لم يكن إلا تتويجًا لظاهرة لافتة: انتشار الإسلام بين الجنود الكوريين، بدءًا من تعرفهم على الدين خلال مهامهم الخارجية، وصولًا إلى اعتناق العشرات منهم له.
من الفضول إلى الإيمان: رحلة الجنود الكوريين إلى الإسلام
بدأت القصة عندما أُرسل جنود كوريون جنوبيون في مهام عسكرية أو تدريبية إلى دول إسلامية، حيث اطلعوا على تعاليم الدين الإسلامي وتأثروا بأخلاقياته وقيمه. بعضهم وجد في الإسلام إجابات لأسئلة روحية ظلت تؤرقه، بينما انجذب آخرون إلى بساطة عقيدته وشموليته. لم تكن تلك مجرد حالات فردية، بل تحولت إلى موجة من الاعتناق، خاصة مع عودة هؤلاء الجنود إلى بلادهم وحماسهم لمشاركة تجربتهم مع زملائهم.
القرار التاريخي: وجبات حلال في الجيش الكوري
مع تزايد أعداد المسلمين في الجيش، لاحظت القيادات العسكرية احتياجاتهم الدينية، خاصة فيما يتعلق بالطعام. فجاء قرار توفير وجبات حلال كاعتراف رسمي بحقوق الجنود المسلمين في ممارسة شعائرهم، وهو ما وصفه الناشطون الإسلاميون في كوريا بـ”خطوة تاريخية” تعكس احترام الدولة للتنوع الديني.
الإسلام في كوريا: من الهامش إلى الواجهة
لا تقتصر الظاهرة على الجيش، فالمسلمون في كوريا الجنوبية يشكلون أقلية متنامية، بينهم علماء سابقون، وقساوسة سابقون تحولوا إلى دعاة، ومؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي يسهمون في كسر الصور النمطية عن الإسلام. وتشير الإحصاءات إلى أن عدد المسلمين في البلاد تضاعف خلال العقدين الماضيين، مدعومًا بزيادة المهاجرين من دول إسلامية، فضلًا عن الكوريين المعتنقين.
تحديات المستقبل
رغم التقدم، لا يزال المسلمون الكوريون يواجهون تحديات، أبرزها نقص المساجد خارج العاصمة سيول، وبعض المفاهيم الخاطئة عن الإسلام في المجتمع. لكن القصة الملهمة للجنود المسلمين تثبت أن الحوار والتعايش قادران على صنع التغيير، وأن كوريا، المعروفة بتركيبتها الثقافية المتجانسة، تخطو خطوات واثقة نحو تقبل التنوع الديني.
في النهاية، فإن انتشار الإسلام بين الجنود الكوريين ليس مجرد ظاهرة دينية، بل هو نموذج لقوة الانفتاح الثقافي، وقدرة القيم الإنسانية المشتركة على تجاوز الحدود الجغرافية والعقائدية.
