اليوم الوطني للمهاجر.. الجالية المغربية رافعة للتنمية ومحرك للتغيير الإيجابي

في العاشر من غشت من كل سنة، يحتفي المغرب باليوم الوطني للمهاجر، وهي محطة سنوية للاعتراف بمكانة الجالية المغربية بالخارج، التي يزيد عددها عن خمسة ملايين مواطن ومواطنة موزعين على مختلف القارات. هذا اليوم يشكل فرصة للتواصل المباشر بين المهاجرين والمؤسسات الوطنية، وتبادل الرؤى حول كيفية تعزيز مساهمتهم في تنمية وطنهم الأم.
رافعة اقتصادية حيوية
تلعب التحويلات المالية للجالية دورًا محوريًا في دعم الاقتصاد الوطني، حيث تجاوزت قيمتها السنة الماضية 110 مليارات درهم، مما جعلها أحد أهم مصادر العملة الصعبة بالمغرب. هذه الأموال لم تعد تقتصر على الدعم العائلي، بل تحولت إلى استثمارات في مشاريع إنتاجية وسياحية وتجارية، وفّرت آلاف فرص العمل.
على سبيل المثال، أنشأ مهاجر مغربي مقيم في إيطاليا تعاونية فلاحية بجهة سوس-ماسة، مختصة في إنتاج وتصدير زيت الأركان نحو الأسواق الأوروبية، مما ساهم في تشغيل عشرات النساء القرويات وتحسين دخلهن. وفي منطقة الريف، قام مقاول مغربي مقيم ببلجيكا بإنشاء وحدة لتثمين المنتجات البحرية، دعمت نشاط الصيادين المحليين وفتحت أمامهم أسواقًا جديدة.
سفراء للثقافة المغربية
إلى جانب مساهماتهم الاقتصادية، يضطلع المهاجرون بدور ثقافي كبير، حيث ينظمون مهرجانات ومعارض للتعريف بالموروث المغربي في بلدان المهجر، مما يعزز صورة المغرب كبلد غني بالتنوع الثقافي والحضاري.
يقول السيد أحمد، مهاجر مقيم في كندا منذ 20 سنة: “بالرغم من بعد المسافة، إلا أن المغرب يسكنني دائمًا. أحرص سنويًا على تنظيم معرض للمنتجات التقليدية المغربية في مونتريال، ليس بهدف التجارة فقط، بل لتعريف الأجيال الجديدة بثقافة أجدادهم.”
دعم اجتماعي وإنساني
الجالية المغربية أيضًا حاضرة بقوة في المبادرات التضامنية، سواء من خلال تمويل قوافل طبية في القرى النائية، أو المساهمة في بناء المدارس والمساجد والمراكز الصحية. في هذا السياق، ساهمت جمعية لمغاربة مقيمين في فرنسا في تجهيز جناح للولادة بمستشفى إقليمي في جهة الشرق، مجهز بأحدث المعدات الطبية.
أفق جديد للشراكة
بمناسبة هذا اليوم الوطني، أكد عدد من المسؤولين أن المغرب يسعى إلى تعزيز قنوات التواصل مع جاليته بالخارج، ووضع برامج استثمارية موجهة خصيصًا لهم، مع تسهيل المساطر الإدارية وتوفير المواكبة القانونية والمالية. الهدف هو تحويل الروابط العاطفية التي تجمع المهاجر بوطنه إلى مشاريع تنموية مستدامة، تعود بالنفع على الجميع.
اليوم الوطني للمهاجر ليس مجرد احتفال رمزي، بل هو موعد لتجديد العهد بين الوطن وأبنائه في الخارج، على أساس الشراكة والمسؤولية المشتركة من أجل بناء مغرب قوي، متقدم، ومتصالح مع أبنائه أينما وجدوا.