Uncategorized

المغرب يُغلق مكتبي الجمارك مع سبتة ومليلية المحتلتين.. رسائل سياسية أم تدبير مرحلي؟


في خطوة مفاجئة وغير معلنة رسميًا، أقدم المغرب على إغلاق مكتبي الجمارك البرية مع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، ما أثار تساؤلات حادة في الأوساط الإسبانية والدولية حول خلفيات القرار، وتوقيته الحساس، خاصة في ظل الظرفية الصيفية المرتبطة بعملية “مرحبا 2025”.

خلفيات القرار: السياسة قبل الجمارك؟

رغم غياب بيان رسمي من السلطات المغربية، إلا أن مصادر إعلامية إسبانية—وعلى رأسها صحيفة El Confidencialربطت الخطوة بغضب الرباط من استضافة الحزب الشعبي الإسباني لممثل عن جبهة البوليساريو الانفصالية، وطرحه لمواقف عدائية تقليدية من قضية الصحراء المغربية.

ورغم أن العلاقات الثنائية بين الرباط ومدريد شهدت في السنوات الأخيرة نوعًا من “الدفء الدبلوماسي”، خاصة بعد اعتراف حكومة بيدرو سانشيز بمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي، إلا أن ملف الصحراء ما يزال يشكل محورًا حسّاسًا في توازنات العلاقة، يتفاعل معها المغرب بحذر، وأحيانًا بحزم دبلوماسي.

الإغلاق الأحادي: قلق في مليلية

أثار الإغلاق المفاجئ لمعبر بني أنصار (نقطة الاتصال الجمركي بين المغرب ومليلية) قلقًا واضحًا في الأوساط السياسية والإدارية في مليلية، حيث عبّر عدد من المسؤولين المحليين عن استيائهم مما وصفوه بـ”الإغلاق الأحادي الجانب”، واعتبروه وسيلة ضغط تمارسها الرباط لفرض توازن جديد في العلاقة الحدودية.

عبور الأفراد مستمر… لكن!

على الرغم من إغلاق المعابر الجمركية، لا يزال عبور الأفراد مستمرًا بشكل طبيعي، في سياق عملية “مرحبا” التي تنسّق فيها سلطات المغرب وإسبانيا لضمان مرور أكثر من 3 ملايين من أفراد الجالية المغربية المقيمة بأوروبا خلال فصل الصيف.

ورجّحت بعض التقارير أن يكون الإغلاق جزءًا من تدبير تقني مؤقت لتسريع انسيابية حركة العبور في هذه الفترة الحساسة، لا سيما بعد تزايد الضغط على المعابر البرية.

📊 نظرة الإسبان إلى المغرب: أرقام مثيرة للقلق

تكشف أحدث استطلاعات “معهد إلكانو الملكي الإسباني” أن 55% من الإسبان يعتبرون المغرب “التهديد الأكبر” لبلادهم، وهو رقم مقلق يعكس استمرار النظرة السلبية لدى جزء من الرأي العام الإسباني تجاه الجار الجنوبي، رغم الشراكة الاقتصادية والأمنية التي تعززت بعد 2022.

التأثير الاقتصادي: النشاط التجاري ما يزال هشًا

رغم الاتفاق المغربي-الإسباني على إعادة فتح المكاتب الجمركية بشكل منظم، بعد سنوات من الإغلاق الرسمي منذ 2018، إلا أن النشاط التجاري عبر هذه المعابر ظل محدودًا. ويتحدث خبراء الاقتصاد عن عراقيل تتعلق باختلاف الأنظمة الجمركية، والأولويات الأمنية، وسياسات المغرب الجديدة الرامية إلى تقليص التهريب وتعزيز موانئه التجارية (كطنجة المتوسط والناظور غرب المتوسط).


قراءة تحليلية: رسالة سيادية مغربية في زمن التوترات الصامتة

يمثل قرار الإغلاق تذكيرًا مغربيًا بأن ملف سبتة ومليلية ليس منتهيا، وأن أي إخلال إسباني بتفاهمات الصحراء أو استفزاز دبلوماسي سيتم الرد عليه بسياسة “الصمت الحازم” بدلًا من التصعيد الكلامي.

من جهة أخرى، يظهر المغرب أنه يتعامل مع المعابر بوصفها أدوات سيادية لا تقبل التوظيف الحزبي أو الابتزاز السياسي، وهو ما يتماشى مع توجهات الرباط نحو توطين الأنشطة الاقتصادية وتخفيف الاعتماد على المعابر التقليدية.


سواء كان الإغلاق مرتبطًا باعتبارات دبلوماسية، أو تدبيرًا مرحليًا في ظل عملية “مرحبا”، فإن الرسالة المغربية واضحة: ضبط الحدود ليس ملفًا إداريًا فقط، بل قضية سيادية تدار بمستوى عالٍ من الحذر، في توازن دائم بين الانفتاح والحزم.

وفي ظل التداخل بين الاقتصاد والسياسة في معابر الشمال، تبقى سبتة ومليلية مؤشرًا حساسًا على عمق العلاقة المغربية الإسبانية، وتوازنها الهش.


Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button