Uncategorized

المغرب.. حصن استخباراتي في زمن التهديدات الهجينة


في عالم تسارعت فيه وتيرة المخاطر الأمنية، حيث لم تعد الجيوش التقليدية كافية لردع تهديدات الإرهاب والجريمة المنظمة والهجمات السيبرانية، برز المغرب كواحد من النماذج الأكثر فاعلية في بناء منظومة استخباراتية متكاملة جعلته “حصناً أمنياً” في منطقة مضطربة.

عيون داخلية.. DGST ورهان الاستباق

منذ تولي عبد اللطيف حموشي قيادة المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST)، انتقل العمل الأمني من منطق رد الفعل إلى منطق الاستباق.
الأرقام تعكس حجم الإنجاز:

  • بين 2002 و2023، تمكنت الأجهزة المغربية من تفكيك أكثر من 220 خلية إرهابية، كان أغلبها مرتبطا بتنظيم “داعش”.
  • أحبطت عشرات المخططات التي استهدفت مواقع سياحية، مؤسسات حيوية، ومراكز اقتصادية.
  • ساهمت معلومات وفرتها الاستخبارات المغربية في إنقاذ عدة دول أوروبية، أبرزها فرنسا وإسبانيا، من هجمات وشيكة.

الذراع العملياتي لهذه المؤسسة، المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ)، الذي يوصف بـ”البوليس الفيدرالي المغربي”، أضحى مرجعاً إقليمياً في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، حيث ضبط شبكات تنشط في الاتجار الدولي بالمخدرات، ونجح في ربط خيوط التعاون الأمني مع “الإنتربول” وأجهزة غربية.

دبلوماسية الظل.. DGED وخارج الحدود

المديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED)، بقيادة محمد ياسين المنصوري منذ 2005، تعد الدرع الخارجي للاستخبارات المغربية.

  • على مستوى القارة الإفريقية، لعبت دوراً محورياً في تفكيك شبكات إرهابية تنشط في منطقة الساحل والصحراء، خاصة عبر تبادل المعلومات مع بلدان كمالي، السنغال، وتشاد.
  • في ملف الصحراء المغربية، تحولت DGED إلى رافعة دبلوماسية غير رسمية، نجحت في اختراق الحملات العدائية للانفصاليين، عبر عمل استخباراتي ناعم يرتكز على بناء تحالفات وشبكات تأثير.
  • على المستوى الدولي، ساهمت معلومات قدمتها الرباط في كشف مخططات إرهابية ببلجيكا سنة 2015، بعد هجمات باريس، مما جعل المغرب يوصف في الإعلام الغربي بـ”الشريك الاستراتيجي الذي لا يُستغنى عنه”.

التكنولوجيا.. جبهة الحرب الجديدة

لم يقتصر الأداء المغربي على العمل الميداني التقليدي، بل اتجه إلى الاستثمار في الأمن السيبراني.

  • أحدثت مديرية خاصة بأمن النظم المعلوماتية، تُعنى برصد التهديدات الإلكترونية.
  • عززت الشراكات مع شركات دولية في مجال الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة.
  • تعمل هيئة معالجة المعلومات المالية (UTRF) على تعقب مسارات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما جعل المغرب يخرج من “اللائحة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (GAFI) في 2023، في اعتراف مباشر بفعالية آلياته الرقابية.

سر النجاح.. التكامل والثلاثية الذهبية

تقرير صادر عن معهد R.O.C.K. للأبحاث الأمنية في 2024، اعتبر أن سر نجاح المغرب يكمن في ثلاثية متكاملة:

  1. إصلاحات قانونية: وفرت للأجهزة مرونة في التحرك مع ضمانات قضائية.
  2. تحديث تقني: اعتماد أحدث وسائل المراقبة وتحليل البيانات لمواكبة التهديدات الرقمية.
  3. انفتاح مدروس: بناء شراكات مع الولايات المتحدة، أوروبا، ودول إفريقية، مع الحفاظ على استقلالية القرار السيادي.

المغرب.. شريك لا غنى عنه

اليوم، لم يعد المغرب مجرد دولة تدافع عن أمنها الداخلي، بل أصبح مزوداً للأمن الإقليمي والدولي. فشراكاته مع الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، وإفريقيا، جعلت منه عنصراً حاسماً في معادلة الاستقرار، خصوصاً في ظل عودة التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل، وارتفاع مخاطر الهجمات السيبرانية عالمياً.


✍️ خلاصة:
الاستخبارات المغربية ليست مجرد جهاز أمني، بل مشروع وطني متكامل، استطاع أن يجمع بين الصرامة الميدانية والدبلوماسية الأمنية الناعمة. وبهذا النهج، أصبح المغرب حصناً استخباراتياً متقدماً، وصوتاً موثوقاً وسط عالم يزداد خطورة وتعقيداً.


Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button