القضاء يُنصف ضحايا السكن الاجتماعي بأكادير ويُعيد الاعتبار لمئات الأسر المقصية

أكادير – الإثنين 21 يوليوز 2025 – من إعداد المحرر الخاص
في تطور بارز يعيد الأمل إلى مئات الأسر المغربية، أصدر القضاء بمدينة أكادير أحكامًا ابتدائية لصالح عدد من المواطنين المرشحين للاستفادة من برامج السكن الاجتماعي، بعد معركة قانونية خاضوها ضد منعش عقاري معروف بالجهة، وُجهت إليه اتهامات خطيرة بالتلاعب في لوائح المستفيدين ومخالفة اتفاقيات رسمية موقعة مع السلطات المختصة.
وتعود فصول هذه القضية إلى سنوات خلت، حين تم الاتفاق بين المنعش العقاري وولاية جهة سوس ماسة وشركة العمران، بحضور موثقين معتمدين، على تخصيص 250 شقة لفائدة مرشحين تم اختيارهم وفق معايير حددتها لجنة السكن الاجتماعي، والتي ضمت ممثلين عن قسم التعمير، ومصالح الولاية، والوكالة الحضرية، إضافة إلى الموثق المكلّف بالإشراف على العملية.
غير أن الواقع سرعان ما كشف عن انحرافات جسيمة شابت تنفيذ الاتفاق. فقد أظهرت محاضر رسمية قيام المنعش العقاري بتفويت عدد كبير من الشقق لأشخاص لا تربطهم أي علاقة بلوائح المستفيدين المعتمدة، ضاربًا عرض الحائط بالتزاماته السابقة، ومعتمدًا، حسب نفس المحاضر، على نفوذ شخصي وعلاقات خاصة مكّنته من الالتفاف على المساطر الإدارية والقانونية. ونتيجة لذلك، تم إقصاء عدد من المواطنين المستحقين، ممن تم انتقاؤهم في إطار شفاف، دون تقديم أي مبررات قانونية، ما تسبب في معاناة اجتماعية ونفسية عميقة لعشرات الأسر.
أمام هذا الوضع، قرر عدد من المتضررين اللجوء إلى القضاء من أجل استرجاع حقوقهم، لتُصدر المحكمة الابتدائية بأكادير أحكامًا لفائدتهم، أقرّت بأحقيتهم في الاستفادة من الشقق المعنية. وقد اعتُبرت هذه الأحكام انتصارًا للعدالة، وأعادت بعضًا من الثقة في المؤسسات القضائية والإدارية، كما فتحت الباب أمام باقي الضحايا لسلوك نفس المسار لاسترداد حقوقهم المهضومة.
الفاعلون المحليون عبّروا عن ارتياحهم لهذا التطور القضائي، مطالبين في المقابل بفتح تحقيق شامل ومستقل حول الخروقات التي شابت هذا المشروع وغيره من مشاريع السكن الاجتماعي، مع توسيع دائرة المحاسبة لتطال كل من يثبت تورطه أو تواطؤه في هذا الملف، من داخل الإدارة أو خارجها.
وتشكل هذه القضية، في نظر عدد من المتابعين، اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام الجهات المعنية بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، خاصة في قطاع حساس يمس جوهر العدالة الاجتماعية. كما أنها تطرح تساؤلات عميقة حول آليات الرقابة على تنفيذ اتفاقيات السكن الاجتماعي، والضمانات المتاحة لحماية حقوق الفئات الهشة التي وُجدت هذه البرامج لأجلها، لا لتحويلها إلى فرص للاغتناء أو أدوات للمناورة السياسية.
ويأمل المواطنون أن تساهم هذه الأحكام القضائية في وضع حد لظاهرة التلاعب ببرامج الدعم الاجتماعي، وترسيخ ثقة المواطن في دولة الحق والقانون، باعتبار السكن حقًا دستوريًا يجب أن يُصان بعيدًا عن منطق الريع أو الزبونية.