العقوبات البديلة في المغرب.. بين رهانات الردع وآفاق الإدماج

عبد الرحمان ابظار، إطار بوزارة العدل:
يُعتبر إدراج العقوبات البديلة في القانون الجنائي المغربي خطوة إصلاحية ذات دلالات عميقة، لأنها تعبّر عن إرادة المشرّع في تجاوز النظرة التقليدية للعقوبة باعتبارها مجرد حرمان من الحرية. هذا التوجّه الجديد يرمي إلى تقليص الضغط على المؤسسات السجنية، والحد من الانعكاسات السلبية لعقوبات السجن القصيرة، مع منح فرص أكبر لإعادة إدماج المحكوم عليهم داخل المجتمع.
فاليوم، أصبح الردع لا يُختزل في الزج بالمخالفين خلف القضبان، بل يمكن أن يتحقق عبر بدائل أكثر فاعلية، مثل أداء الخدمة لفائدة المجتمع، أو الغرامات المالية، أو تدابير مقيدة للحرية تحمّل المحكوم عليه مسؤولية أفعاله في محيطه الاجتماعي. وقد جسدت بعض المحاكم المغربية هذا التوجّه من خلال أحكام قضائية اعتمدت العقوبات البديلة، وهو ما يعكس بداية انتقال عملي نحو عدالة جنائية أكثر مرونة وإنسانية.
غير أن التحدي الحقيقي يكمن في جعل هذه الآلية الجديدة قابلة للتنفيذ بشكل فعلي وناجع، عبر تعبئة مؤسساتية ومجتمعية شاملة، تضمن أن تتحقق الأهداف الجوهرية للعقوبات البديلة: الردع، الإصلاح، وإعادة الإدماج.
ومن موقعي ، أرى أن نجاح هذا الورش مرهون بإيمان الجميع به: قضاة، مؤسسات، ومجتمع مدني. حينها فقط يمكن أن تتحول العقوبات البديلة إلى أداة عملية تزاوج بين الحزم في مواجهة الجريمة، وحماية كرامة الإنسان، بعيدًا عن أن تبقى مجرد نصوص قانونية على الورق.