التمييز بين حرية التعبير واستغلال هذه الحرية للمساس بمؤسسات الدولة

التمييز بين حرية التعبير واستغلال هذه الحرية للمساس بمؤسسات الدولة ، يعد أمرا جوهريا لضمان التوازن بين الحق في التعبير وواجب احترام الثوابت الوطنية. فالنقد المشروع يظل من ضرورات الحياة الديمقراطية، حيث يسهم في تقويم السياسات، وتعزيز الحكامة الجيدة والشفافية، كما يمثل مؤشرا على قوة النظام السياسي.
لكن حينما يتم تجاوز هذا النقد المشروع إلى هجمات ممنهجة وعدائية، تستهدف تشويه سمعة مؤسسات الدولة، أو التحريض ضدها، أو نشر خطاب التبخيس و محاولة النزع التدريجي لشرعيتها، فإننا نكون أمام سلوك عدائي ممنهج و خطير.
هذا النوع من الهجمات يندرج ضمن ما يعرف بـ”الحرب الناعمة”، أو، إذا ما تم عبر أدوات رقمية مدروسة، يعد جزءا من “الحرب السيبرانية”، التي قد تدار من خارج الحدود، خاصة من طرف النظام العسكري الجزائري وتستهدف في جوهرها تقويض الاستقرار الداخلي، بنشر الاكاذيب والأخبار المضللة .
مواجهة هذه الهجمات تقتضي مقاربة شاملة، تدمج البعد القانوني عبر التتبع والمساءلة، والبعد الإعلامي من خلال كشف الخلفيات والأهداف، فضلا عن البعد الوطني عبر تقوية وعي المواطنين وتحصين الجبهة الداخلية ، وفهم السياقات الحقيقية لهذه الهجمات التبخيسية، التي تستهدف زرع الشك والريبة في أوساط المجتمع ، وزعزعة الثقة بين المؤسسات السيادية والمواطنين.
الدكتور محمد الطيار، رئيس المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية