Uncategorized

التحالفات الاستراتيجية بين المصالح والسيادة: قراءة مغربية برؤية واقعية

في زمن تداخل المصالح وتحوّل التحالفات، من الضروري أن نُخرج عواطفنا من معادلة الحكم على الشراكات الدولية، وخاصة تلك التي عقدها المغرب مع قوى تكنولوجية وعسكرية وازنة، مثل إسرائيل. السؤال اليوم ليس: “هل نُحب هذا التحالف أم لا؟”، بل: “ما الذي قدّمه، وما الذي لم يقدّمه غيره؟”

🔍 لننظر إلى جوهر المسألة لا إلى واجهتها

حين نتحدث عن صفقات التعاون الأمني والعسكري بين المغرب وإسرائيل، علينا أن نضع جانبًا الضجيج الأيديولوجي ونطرح السؤال بوضوح:

أين يمكن للمغرب، اليوم، أن يحصل على نفس النوع من التقنيات العسكرية المتطورة، التي تعزّز تفوقه الاستراتيجي في بيئة إقليمية مضطربة ومليئة بالمخاطر؟

الجواب قد لا يرضي العواطف، لكنه يرضي منطق الدولة: لا توجد حالياً سوى قلة قليلة من الدول التي تقبل أن تتقاسم معك أسرار تفوقها التكنولوجي والدفاعي. وأكثر من ذلك، إسرائيل – بضغط فاعلين مؤثرين من أصول مغربية داخل منظومتها الأمنية والسياسية – اختارت أن تنظر إلى المغرب كشريك استراتيجي وليس فقط كزبون للسلاح.

🧠 الفارق ليس في السلاح… بل في منطق “نقل القوة”

ما يميز هذه الشراكة عن غيرها ليس فقط طبيعة السلاح، بل طبيعة المعرفة:

  • هناك من يبيعك معدات جاهزة…
  • وهناك من يمنحك مفاتيح الصناعة والتصنيع.
  • هناك من يراك سوقًا…
  • وهناك من يراك مركز توازن إقليمي ومختبر تطوير مشترك.

في هذا السياق، يجب أن نُسجّل بأن صفقات المغرب مع إسرائيل تجاوزت مجرد “الشراء”، إلى مستويات أكثر عمقًا تشمل:

  • مشاريع مشتركة في صناعة الطائرات المسيّرة.
  • تعاونات في الأمن السيبراني والحرب الإلكترونية.
  • شراكات في أبحاث الذكاء الاصطناعي العسكري.

وكل هذه القطاعات هي بالضبط مفاتيح الحروب المستقبلية.

📉 “لغة الإخوة” مقابل “نقل السيادة”

منذ عقود، سمعنا كثيرًا من الشعارات القادمة من “أشقاء”، لم تتجاوز حناجر المنصات. باعونا الخطب، وأهدونا “خردة” بآلاف الدولارات. وفي الوقت ذاته، وقعوا هم في الخفاء صفقات أمنية مع نفس الكيانات التي يُطالبوننا اليوم بقطع العلاقة معها.

الصديق الحقيقي، في عالم اليوم، هو من يرفع من قدرتك على فرض كلمتك، لا من يُثني على نواياك ويُعطلك عن التقدّم.

⚖️ تحالفات اليوم لا تُقاس بالخطاب… بل بالقدرة على الصمود

لنكن واقعيين: لو أتيحت لنظامٍ معادٍ للمغرب فرصة عقد مثل هذه الشراكات الاستراتيجية، لما تردد لحظة واحدة في استغلالها، بل لتباهى بها في إعلامه الرسمي، واستعملها ضد مصالحنا بكل وقاحة.

لذلك، فإن الاختبار الحقيقي للتحالفات اليوم هو:

  • هل تُضيف لك قدرة؟
  • هل تحميك من الابتزاز؟
  • هل تمنحك أدوات التصنيع لا أدوات الاستهلاك فقط؟

إن الجواب الإيجابي على هذه الأسئلة هو ما يحدد عمق العلاقة، وليس التصفيق العاطفي.


🧭 الخلاصة: تحالفك مع من يبني قوتك، لا من يروي لك قصصًا عنها

الزمن تغير. ولم تعد التحالفات تُبنى على العواطف أو العناوين الرنانة. إنها اليوم تقوم على منطق المصالح المشتركة، وتكامل القوة، واستقلال القرار.

والمغرب، بحكمته وحنكته، اختار أن يكون فاعلاً وازناً، لا متفرجاً هامشياً.
وكل من يُنكر هذا التحول، فهو إما لا يفهم قواعد القوة في القرن الحادي والعشرين، أو لا يريد للمغرب أن يمتلك مفاتيحها.


Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button