
قضت الغرفة الجنائية الابتدائية بقصر العدالة بالرباط، خلال الأسبوع المنصرم، بـ ست سنوات سجنا نافذا في حق مغربية وُصفت بـ”الوسيطة العابرة للقارات”، وذلك بعد متابعتها بتهم ثقيلة تتعلق بالاتجار بالبشر، والتغرير بفتيات واستغلالهن في شبكات دعارة دولية تمتد بين الخليج وشمال إفريقيا.
وجاء الحكم بعد مطالبة النيابة العامة البحرينية نظيرتها المغربية بالتعاون لإيقاف المتهمة، التي صدرت بحقها أحكام مسبقة في البحرين وصلت إلى 5 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية، قبل أن تفر من البلاد في ظروف غامضة، وتُوقَف لاحقا بالإمارات، حيث قضت عقوبة 3 أشهر حبسا على خلفية قضية مشابهة، ثم رُحّلت إلى المغرب.
هيئة المحكمة اقتنعت، بعد جلسات مطولة، بثبوت التهم الموجهة للمتهمة، والتي شملت تجنيد واستدراج ونقل وإيواء نساء عبر الاحتيال واستغلال حالة الهشاشة، بهدف استغلالهن جنسيا، ضمن شبكة منظمة تعمل بين المغرب، الإمارات، والبحرين.
ومن خلال التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة بالرباط بتنسيق مع نظيرتها البحرينية، تم الكشف عن شهادات صادمة لفتيات مغربيات تم التغرير بهن تحت غطاء العمل بشركات في الخليج، ليتبين لاحقًا أنهن وقعن ضحايا لشبكة منظمة تمارس الاتجار بالبشر والدعارة القسرية.
إحدى الضحايا روت أنها التقت المتهمة في مقهى بسلا، حيث عرضت عليها فرصة عمل بشركة مبيعات في دبي، مشترطة عليها تقديم شيك بقيمة 10 ملايين سنتيم لضمان “عدم الهروب”. وبعد وصولها إلى دبي، وجدت نفسها ضمن شقة تضم فتيات من جنسيات مختلفة، قبل أن تُنقل إلى البحرين وتُجبَر هناك على ممارسة الدعارة في فندق فخم تحت التهديد.
الضحية أوضحت أن رفضها الانصياع قوبل بتهديد بملاحقتها قضائياً بسبب الشيك الموقّع باسمها، مما دفعها للاستسلام. وأضافت أنها كانت تُجبر على ممارسة الجنس مع ما يقارب 7 زبناء يوميًا، وتشتغل لساعات طويلة، خصوصًا خلال العطل الرسمية، قبل أن تُنقل إلى فندق آخر تديره شقيقة المتهمة الرئيسية، حيث واصلت استغلالها هي وفتيات أخريات.
الضحية كشفت أيضًا أنها “بيعت” لشقيقة المتهمة مقابل المال، في مشهد وصفته بـ”العبودية المعاصرة”، ما دفعها لاحقًا إلى فضح الشبكة من خلال فيديو بعنوان “الاتجار بالبشر ومعاناة فتاة مغربية” على موقع “يوتيوب”، ما عجّل بتدخل الأمن البحريني، وتوقيف عدد من المتورطين وترحيل الضحايا إلى المغرب.
التحقيقات لم تتوقف عند هذا الحد، إذ استمعت الشرطة القضائية بالرباط لضحايا أخريات، أكدن تعرضهن لنفس الأسلوب في الاستدراج والاستغلال، من خلال عروض عمل وهمية وتهديدات قانونية بواسطة شيكات فارغة. وتم توثيق عمليات “بيع” بعض الفتيات بمبالغ مالية تراوحت بين 60 ألف و70 ألف درهم إماراتي، في مشهد يكشف بشاعة هذا النوع من الاتجار.
وقد انتهت فصول هذه القضية بإدانة المتهمة الرئيسية بـ6 سنوات سجنا نافذا، بينما لا تزال التحقيقات مفتوحة في باقي خيوط الشبكة، التي تمتد بين عدة دول وتستغل هشاشة النساء المغربيات تحت غطاء وهمي من العمل والكرامة.