▪︎ قوة المغرب تُربك خصومه وتستدعي وحدة جبهته الداخلية

لم يعد المغرب اليوم هو المغرب الذي عرفه جيرانه قبل عقد من الزمن. فالتطور الذي يعيشه ليس مجرد تحديث تقني لعتاده العسكري، بل تحوّل استراتيجي شامل في العقيدة الدفاعية وفي مكانة المملكة على الخريطة الإقليمية والدولية
فصفقات التسلح بمليارات الدولارات مع شركاء دوليين كبار – 36 مروحية هجومية «أباتشي AH-64E» مزودة بأكثر من 600 صاروخ «هلفاير»، مقاتلات F-16 محدثة ويفاوض رسميا على امتلاك طائرات الشبح المبرمجة للسنوات المقبلة، مئات F35 صواريخ «ستينغر» و«جافلين»، دبابات «أبرامز» محدثة، فرقاطات وسفن حربية ومروحيات مضادة للغواصات في مضيق جبل طارق – كلها عناصر تُظهر أن المملكة اختارت التحول إلى قوة دفاعية متقدمة في البر والبحر والجو.
هذا الصعود الاستراتيجي أعاد رسم موازين القوى في المنطقة، ولم يكن مستغربًا أن تُقابل هذه النجاحات بحملات تشويش وإشاعات تستهدف صورة المغرب في الخارج ومؤسساته الملكية والعسكرية والأمنية في الداخل. فالأعداء والمتربصون يدركون أن جيشًا حديثًا، واقتصادًا صاعدًا، ودبلوماسية فاعلة تعني نفوذًا إقليميًا متناميًا يربك حساباتهم، فيلجأون إلى الحروب الإعلامية والتضليل.
وفي الوقت ذاته، فإن تقوية مكانة المغرب خارجيًا وتثبيت سيادته على صحرائه انعكس بشكل كبير على الأوضاع الداخلية، وعطّل بعض ملفات التنمية بسبب الأولويات الاستراتيجية. غير أن العزم مقرون اليوم من طرف جلالة الملك محمد السادس على تقوية الجبهة الداخلية، وتسريع الإصلاحات، وجعل المغرب يسير بسرعة واحدة لا بسرعتين، حتى تواكب التنمية الطموح الاستراتيجي.
إن الدرس واضح: الدولة التي تستثمر في أمنها واستقرارها وتبني تحالفاتها بحكمة تكون أيضًا دولة مستهدفة بالإشاعات، لكنها قادرة على مواجهتها بثقة وثبات متى توحدت صفوفها. ومن هنا، فإن الواجب الوطني يستدعي من كل المغاربة – مواطنين، أحزابًا، نقابات، مجتمعًا مدنيًا وإعلامًا – الاصطفاف وراء المؤسسات الدستورية، وفي مقدمتها المؤسسة الملكية الشرعية الضامنة لوحدة المغرب واستقراره، لمواصلة مسار البناء وتعزيز مكانة المملكة في عالم مضطرب.