Uncategorized

من مسيرة الصحراء إلى مسيرة النزاهة… وحدة الأرض ووحدة الضمير


بعد خمسين سنة على المسيرة الخضراء المظفرة، التي وحدت قلوب المغاربة خلف قائدهم لاسترجاع الأرض، يدخل المغرب اليوم مرحلة جديدة من تاريخه المعاصر، حيث تتحول المسيرة من رمال الصحراء إلى مؤسسات الدولة.
لقد كسب الوطن معركة السيادة الترابية بفضل تلاحم العرش والشعب، وهو اليوم يفتح صفحة ترسيخ السيادة الداخلية عبر سيادة القانون.

المعركة القادمة ليست على الحدود، بل في عمق المؤسسات التي نخرتها منظومتان خطيرتان: الفساد والريع.
فهاتان الآفتان لا تهددان المال العام فقط، بل تضربان في جوهر الثقة التي تربط المواطن بوطنه.
ومن هنا تبدأ المسيرة الثانية، مسيرة البناء الأخلاقي والمؤسساتي، التي لا تقل شرفاً ولا بطولة عن الأولى.

إن دولة قوية لا تُبنى بالشعارات، بل بإقامة العدل والمحاسبة، وجعل الكفاءة والنزاهة معياراً وحيداً للتعيين والمسؤولية.
فكما نُعلن كل سنة عن يوم الوحدة الوطنية، أصبح من الضروري أن نُعلن أيضاً عن “يوم النزاهة الوطنية”، يومٍ يُجدد فيه المغاربة العهد مع قيم الشفافية والضمير والمسؤولية أمام الله والوطن.

إن المحاسبة ليست عقوبة بل شرف، لأنها تحفظ كرامة المؤسسات وتمنح المواطن الثقة في دولته.
وعلى كل مسؤول أن يدرك أن المنصب تكليف لا تشريف، وأن خدمة الوطن لا تقاس بعدد الخطابات، بل بصدق الأمانة ونظافة اليد.

فكما استرجع المغاربة أرضهم بوحدة العزيمة والإيمان، يجب أن يسترجعوا مؤسساتهم بقوة القانون وعدالة الضمير.
هذه هي المسيرة الجديدة التي دعا إليها جلالة الملك محمد السادس نصره الله حين جعل من الإصلاح ومكافحة الفساد ركيزة لبناء مغرب حديث ومزدهر.

إنها مسيرة النزاهة
مسيرة تُكتب بالحبر نفسه الذي كُتبت به المسيرة الخضراء: حبر الإخلاص والوفاء للوطن.
وغايتها أن نبني مغرباً يليق بتضحيات أجياله، مغرباً قوياً بعدله، فخوراً بنزاهة رجاله ونسائه، ومتصالحاً مع ضميره الجمعي.


مقتبس من خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله

«والجدية كمنهج متكامل، تقتضي ربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة، وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص». — محمد السادس نصره الله

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button