وطنيات

مشروع قانون هيكلة المجلس الوطني للصحافة يعزز استقلاليته ويوسّع صلاحياته التنظيمية والتأديبية

من المتوقع أن يعقد مجلس الحكومة المغربي يوم الخميس 3 يوليوز 2025 جلسة للمصادقة على مشروع قانون جديد يهدف إلى إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وهي خطوة تعتبر مراجعة جذرية للبنية القانونية والتنظيمية لهذه الهيئة التي تأسست عام 2016 كآلية للتنظيم الذاتي لمهنة الصحافة في المغرب. يأتي هذا المشروع في ظل تراكم مشكلات مرتبطة بأداء المجلس، سواء من حيث تركيبه أو صلاحياته أو قدرته التنفيذية، ويسعى القانون الجديد إلى معالجة هذه الإشكالات من خلال إعادة تأسيس المجلس على أسس أكثر متانة واستقلالية.

يُعزز مشروع القانون استقلالية المجلس الوطني للصحافة بشكل واضح، وينص على منع أعضاء المجلس من الجمع بين عضويتهم وأي مهام حكومية أو برلمانية أو نقابية قد تؤثر على حيادهم، مع فرض التزام صارم بقواعد الأخلاقيات المهنية. كما يتيح المشروع آلية لعزل الأعضاء في حال الإخلال الجسيم بالواجبات، مؤكدًا مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

فيما يتعلق بالتركيبة، يقترح المشروع توسيع تمثيل المجلس ليشمل الصحافيين المهنيين وناشري الصحف، بالإضافة إلى ممثلين عن هيئات المجتمع المدني وخبراء في القانون والإعلام، مع تأكيد مبدأ التعددية المهنية والجهوية والجندرية. يُنتخب رئيس المجلس من بين الأعضاء، ويتولى الإشراف العام على أعمال المجلس. كما ينص المشروع على إحداث لجان متخصصة مثل لجنة التأديب والأخلاقيات، ولجنة بطاقة الصحافة، ولجنة الشكايات والتكوين، بالإضافة إلى بنية إدارية دائمة تدير العمليات اليومية.

أما صلاحيات المجلس، فقد وسعها المشروع بشكل ملحوظ، حيث يمنح المجلس سلطة تقريرية في قضايا مهنية وتنظيمية متعددة، من إصدار بطاقة الصحافة المهنية، وإنشاء سجل وطني للصحافيين والناشرين، إلى إبداء الرأي في مشاريع النصوص القانونية والتنظيمية الخاصة بقطاع الإعلام، والمساهمة في صياغة السياسات العمومية المرتبطة بحرية الصحافة وتعددية الإعلام. كما يتمتع المجلس بصلاحية معالجة الشكايات المتعلقة بخرق أخلاقيات المهنة، وإصدار عقوبات تأديبية تراوح بين التنبيه والتوقيف المؤقت أو النهائي، وفق إجراءات قانونية واضحة تضمن حقوق الدفاع.

يتضمن المشروع أيضًا بندًا لإلزامية التكوين المستمر للصحافيين، حيث يلتزم المجلس بوضع برامج تأهيل بالتعاون مع المؤسسات الجامعية والمهنية، وتقديم الدعم الفني واللوجستي لمواكبة التحولات الرقمية والتقنية في القطاع الإعلامي. كما يقر المشروع تمويلًا قارًا للمجلس من الميزانية العامة للدولة، ويخول له إبرام شراكات واتفاقيات تعاون مع هيئات وطنية ودولية بشفافية وتدقيق سنوي للموارد.

تحدد مدة انتداب أعضاء المجلس بخمس سنوات غير قابلة للتجديد بالنسبة للتمثيليات غير المهنية، مع ضمان تمثيل دوري للصحافيين والناشرين، ويعتمد النص آليات انتخاب شفافة لتنظيم وتتبع عمليات الانتخاب، مع إمكانية الطعن أمام هيئات مختصة في حالة وجود تجاوزات.

يتكون المجلس الجديد من 17 عضوًا موزعين على ثلاث فئات رئيسية: 7 أعضاء يمثلون الصحافيين المهنيين (من بينهم 3 صحافيات)، و7 أعضاء يمثلون الناشرين، و3 أعضاء من مؤسسات دستورية تشمل القضاء، وحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي. ويولي المشروع اهتمامًا لتعزيز المساواة بين الجنسين، حيث يخصص ثلاثة مقاعد على الأقل للصحافيات المهنيات، كما يشترط عدم تتابع أسماء من نفس الجنس في لوائح الناشرين.

فيما يخص آليات الوساطة والتحكيم، يطور المشروع مساطر واضحة وفعالة لفض النزاعات المهنية خلال فترة زمنية محددة (3 أشهر للوساطة و6 أشهر للتحكيم)، كما يحدد نظامًا تأديبيًا يتضمن عقوبات متناسبة، وآليات استئناف للطعن في القرارات التأديبية، وصولًا إلى إمكانية الطعن أمام القضاء الإداري.

يقر المشروع بأن النظام الداخلي الحالي للمجلس الوطني للصحافة سيستمر في العمل إلى حين صدور نظام داخلي جديد، مع تكليف اللجنة المؤقتة القائمة بالإشراف على أول انتخابات لأعضاء المجلس الجديد.

يهدف هذا المشروع إلى تعزيز المجلس الوطني للصحافة كمؤسسة مستقلة وقوية قادرة على تأطير وتنظيم مهنة الصحافة أخلاقياً ومهنياً، بعيدًا عن أي وصاية أو تأثير سياسي أو نقابي، في سياق تحولات الإعلام الرقمي والتحديات الأخلاقية المتزايدة، مما يجعل النقاش حوله ذا أهمية كبرى في الأوساط المهنية والسياسية لما يمثله من ضمانة لحرية الصحافة واستقلالية الجسم المهني.


ملخص لأبرز نقاط مشروع القانون رقم 26.25:

  • تعزيز استقلالية المجلس وتوسيع اختصاصاته التنظيمية.
  • إنشاء سجل خاص بالصحافيين المهنيين.
  • تقنين آجال إبداء الرأي في مشاريع القوانين الإعلامية.
  • إحداث لجان متخصصة مثل لجنة إشراف على الانتخابات ولجان تأديبية.
  • تقليل شرط الأقدمية للترشح من 15 إلى 10 سنوات.
  • تشكيل المجلس من 17 عضوًا يمثلون الصحافيين، الناشرين، والمؤسسات الدستورية.
  • تخصيص مقاعد للصحافيات، وضمان المساواة الجندرية.
  • تطوير آليات الوساطة والتحكيم بين المهنيين.
  • تحديد نظام تأديبي واضح مع آليات استئناف.
  • إلزامية التكوين المستمر للصحافيين.
  • تمويل قار من الميزانية العامة، وإمكانية شراكات دولية.
  • مدة عضوية 5 سنوات غير قابلة للتجديد للتمثيليات غير المهنية.
  • استمرار النظام الداخلي الحالي إلى حين إصدار جديد.

يأتي هذا القانون كخطوة استراتيجية لإعادة ترتيب المشهد الإعلامي المغربي، وتعزيز دور المجلس الوطني للصحافة كمؤسسة رائدة في دعم حرية الصحافة، والتنظيم الذاتي المهني، وحماية القيم الأخلاقية في قطاع الإعلام.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button