المغرب يفتح أول بوابة نحو الصناعة النووية: “يورانيوم أصفر” يُستخرج من رحم الفوسفاط

الجديدة – يونيو 2025
في خطوة تاريخية غير مسبوقة، يستعد المغرب لولوج نادي الدول المنتجة للمادة النووية الأساسية، عبر إطلاق أول مصنع وطني لإنتاج اليورانيوم المركز أو ما يُعرف بـ”الكعكة الصفراء” (Yellowcake)، وهي المادة الأولية التي تُشكل القاعدة لأي طموح نووي مدني أو صناعي.
المشروع تقوده شركة Uranext، وهي شركة ناشئة مغربية، وُلِدت داخل جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية ببنجرير، بدعم مباشر من عملاق الفوسفاط العالمي، المكتب الشريف للفوسفاط (OCP).
🧪 من الفوسفاط إلى اليورانيوم: معادلة جديدة لمستقبل الطاقة
المصنع المزمع إنشاؤه في إقليم الجديدة، باستثمار يقارب مليار درهم، سيتخصص في معالجة خام الفوسفاط المغربي الغني باليورانيوم، عبر تقنية حديثة صديقة للبيئة، لاستخلاص مادة اليورانيوم المركز، في سابقة هي الأولى في تاريخ المغرب.
ورغم أن هذه المادة لا تُستخدم مباشرة في المفاعلات النووية، إلا أنها تُعدّ الخطوة الأولى في سلسلة التحويل النووي، ما يجعل المشروع بمثابة الأساس الحقيقي لصناعة نووية مغربية، قد تمتد في المستقبل نحو إنتاج الطاقة الكهربائية، أو دعم مشاريع تحلية المياه، أو تصنيع الوقود النووي.
لماذا الآن؟ ولماذا المغرب؟
العالم يعيش اليوم مخاضًا طاقيًا صعبًا، وسط أزمات وقود أحفوري وتقلّبات في الأسواق الجيوسياسية. في هذا السياق، تتجه الأنظار نحو الطاقة النووية كحل مستدام ونظيف. وهنا، يبرز المغرب كلاعب استراتيجي يمتلك أكثر من 70% من الاحتياطي العالمي للفوسفاط، والذي يحتوي على كميات غير مستغلة من اليورانيوم.
كما يتمتع المغرب بإطار مؤسساتي متقدم في البحث العلمي والتكنولوجيا، خصوصًا في ظل الشراكة الناشئة بين المؤسسات الجامعية والمجموعات الصناعية الكبرى مثل OCP، ما يمنح المشروع خلفية علمية واستراتيجية متينة.
من الجامعة إلى المصنع: قفزة سيادية
ما يميز هذا المشروع عن غيره في العالم العربي والإفريقي، هو أنه انطلق من المنظومة الأكاديمية والبحثية الوطنية، ليتحول إلى مشروع صناعي ضخم. إنها نقلة نوعية تعكس الرؤية المغربية الجديدة التي تربط البحث العلمي بالإنتاج السيادي، وتضع البلاد على سكة التصنيع المتقدم.
ما الذي يتغير؟
- دخول المغرب نادي الدول التي تنتج المادة النووية من أراضيها.
- ترسيخ استقلال استراتيجي في قطاع حساس، بعيدًا عن تقلبات سوق النفط والغاز.
- فتح المجال أمام صناعات مستقبلية مثل الطاقة النووية المدنية وتحلية المياه.
- إمكانية تصدير الكعكة الصفراء لدول أخرى، ضمن شراكات استراتيجية جنوب-جنوب.
رسالة إلى الجوار والعالم
هذا المشروع ليس استعراضًا للعضلات، بل رسالة واضحة: المغرب يتحرك في اتجاه مختلف، يعيد تعريف دوره في معادلة الطاقة العالمية، ويضع أسس سيادة علمية وتقنية واقتصادية جديدة.
مع انطلاقة هذا المصنع، يدخل المغرب فصلًا جديدًا في مساره التنموي – فصلٌ يبدأ من “الفوسفاط” وقد يقود إلى “الطاقة النووية النظيفة”، برؤية وطنية، وتموقع دولي ذكي، وتخطيط بعيد المدى.